قال في التنقيح ويمكن ترجيح الفاء بكونه كلامًا مستقلاً من متكلم آخر يبتدئ به كلامه وجاء الفتح لكونه علّة لما قبله قال وقوله أي ابن مالك إذا كسرت قدّر قبلها الفاء كلام مشكل لأن تقدير الفاء إنما يكون للتعليل والتعليل يقتضي الفتح لا الكسر.
قال في المصابيح: هذا كلام من لم يلم بفهم كلام القوم، وذلك أن الكسر منوط بكون المحل محل الجملة لا المفرد والفتح بكون المحل للمفرد لا للجملة، وأما التعليل فلا مدخل له من حيث خصوص التعليل لا في فتح ولا في غيره ولكنه رآهم يقولون في مثل أكرم زيدًا أنه فاضل بالفتح فتحت أن لإرادة التعليل مثلاً فظن أنه الموجب للفتح وليس كذلك، وإنما أرادوا فتحة أن لأجل أن لام الجر مرادة وهي في الواقع للتعليل فالفتح إنما هو لأجل أن حرف الجر مطلقًا لا يدخل إلا على مفرد ففتحت أن من حيث دخول اللام باعتبار كونها حرف جر لا باعتبار كونها للتعليل ولا بدّ ألا ترى أن حرف الجر المقدّر لو لم يكن للتعليل أصلاً لكانت أن مفتوحة ثم ليس كل حرف دل على التعليل تفتح أن معه وإنما قدر ابن مالك الفاء مع الكسر ليأتي بحرف دالّ على السببية ولا يدخل إلا على الجمل فيلزم كسر إن بعده ولا شك أن الفاء الوضوعة للسببية كذلك أي تختص بالجمل انتهى.
وقوله في فتح الباري: ولم يقرأ هنا إلا بالكسر وإن جاء الفتح في العربية فيه شيء فقد وجدت الفتح في الفرع وغيره من الأصول المعتمدة وليس للحصر وجه فليتأمل.
(فقال ﵇ وفي نسخة: فقال-ﷺ (اسق يا زبير) بهمزة وصل (ثم يبلغ) ولأبوي ذر والوقت: حتى يبلغ (الماء الجدر) وسقط لأبوي ذر والوقت لفظ الماء (ثم أمسك) بهمزة قطع أي نفسك عن السقي (فقال) ولأبوي ذر والوقت قال (الزبير فأحسب هذه الأية نزلت في ذلك ﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم﴾) وتأتي صفة إرسال الماء من الأعلى إلى الأسفل في الباب اللاحق إن شاء الله تعالى.
٨ - باب شِرْبِ الأَعْلَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ
(باب شرب الأعلى إلى الكعبين) بكسر الشين المعجمة لأبي ذر أي نصيب الأعلى.