(وقال يعقوب): بن محمد المذكور (والعرج) بفتح العين المهملة وسكون الراء بعدها جيم قرية جامعة من الفرع على نحو ثمانية وسبعين ميلاً من المدينة (أول تهامة). بكسر المثناة الفوقية. وقد استدلّ بهذا الحديث إمامنا الشافعي من العلماء على منع إقامة الكافر ذميًّا كان أو حربيًّا بمكة والمدينة واليمامة وقراهن وما تخلل ذلك من الطرق فلا يقر في شيء منها بجزية ولا بغيرها لشرفها. نعم لا يمنع من ركوب بحر الحجاز لأنه ليس موضع إقامة بخلاف جزائره وقرى الأماكن المذكورة، وكذا لا يمنع من الإقامة باليمن لأنه ليس من الحجاز وإن كان من جزيرة العرب لأن عمر أجلى أهل الذمة من الحجاز وأقرّهم فيما عداه من اليمن ولم يخرجهم هو ولا أحد من الخلفاء منه، وإنما أخرج أهل نجران من جزيرة العرب وليست من الحجاز لنقضهم العهد بأكلهم الربا المشروط عليهم تركه وكذا يمنع من دخول الحرم المكي فلا يدخله لمصلحة ولا لغيرها لقوله تعالى: ﴿فلا يقربوا المسجد الحرام﴾ والمراد جميع الحرم لقوله تعالى: ﴿وإن خفتم عيلة﴾ [التوبة: ٢٨] أي فقرًا بمنعهم من الحرم وانقطاع ما كان لكم من قدومهم من المكاسب ﴿فسوف يغنيكم الله من فضله﴾ ومعلوم أن الجلب إنما يجلب إلى البلد لا إلى المسجد نفسه فلو دخل كافر بغير إذن الإمام أخرجه وعزره إن علم أنه ممنوع ومنه وإن أذن الإمام أو نائبه له في الدخول للحجاز خارج الحرم لمصلحة لنا من رسالة أو عقد هدنة أو حمل ميرة أو متاع نحتاجه فلا يقيم فيه أكثر من أربعة أيام ولا يمنع من دونها وليس حرم المدينة كحرم مكة فيما ذكر لاختصاصه بالنسك وثبت أنه ﷺ أدخل الكفار مسجده وكان ذلك بعد نزول سورة براءة، وجوّز أبو حنيفة ﵀ دخولهم حرم مكة. وقال العيني: مذهب أبي حنيفة أنه لا بأس بأن يدخل أهل الذمة المسجد الحرام لأنه ﷺ أنزل وفد ثقيف في مسجده وهم كفار رواه أبو داود، والآية محمولة على منعهم أن يدخلوه مستولين عليه ومستعلين على أهل الإسلام من حيث القيام بعمارة المسجد.