وبالسند قال:(حدّثنا حجاج بن منهال) السلمي الأنماطي البصري (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن محمد بن زياد) الجمحي المدني البصري السكن (سمعت) ولأبي ذر قال: سمعت (أبا هريرة)﵁(عن النبي ﷺ، قال):
(أما يخشى أحدكم -أو ألا يخشى أحدكم-) فالشك من الراوي، وأما وألا بهمزة الاستفهام التوبيخي، وتخفيف الميم واللام قبلها واو ساكنة، حرفا استفتاح. ولأبي ذر عن الكشميهني: أوَ لَا بتحريك الواو، وفي الأخرى: وألا يخشى أحدكم (إذا رفع رأسه) أي من السجود، فهو نص في السجود لحديث حفص بن عمر، عن شعبة المروي في أبي داود: الذي يرفع رأسه والإمام ساجد، ويلتحق به الركوع لكونه في معناه، ونص على السجود المنطوق فيه لمزيد مزية فيه، لأن المصلي أقرب ما يكون فيه من ربه، ولأنه غاية الخضوع المطلوب، كذا قرره في الفتح، وتعقبه صاحب العمدة بأنه لا يجوز تخصيص رواية البخاري برواية أبي داود، ولأن الحكم فيهما سواء. ولو كان الحكم مقصورًا على الرفع من السجود، لكان لدعوى التخصيص وجه. قال: وتخصيص السجدة بالذكر في رواية أبي داود، من باب: سرابيل تقيكم الحرّ، ولم يعكس الأمر، لأن السجود أعظم. (قبل) رفع (الإمام أن يجعل الله رأسه) التي جنت بالرفع (رأس حمار) حقيقة بأن يمسخ إذ لا مانع من وقوع المسخ في هذه الأمة، كما يشهد له حديث أبي مالك الأشعري في المعازف، الآتي إن شاء الله تعالى في الأشربة، لأن فيه ذكره الخسف، وفي آخره: ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة. أو تحول هيئته الحسية أو المعنوية، كالبلادة الموصوف بها الحمار، فاستعير ذلك للجاهل، ورد بأن الوعيد بأمر مستقبل. وهذه الصفة حاصلة في فاعل ذلك عند فعله ذلك (أو يجعل الله صورته صورة حمار) بالشك من الراوي، والنصب عطفًا على الفعل السابق.
ولمسلم: أن يجعل الله وجهه وجه حمار. ولابن حبّان؛ أن يحول الله رأسه رأس كلب.
والظاهر أن الاختلاف حصل من تعدّد الواقعة، أو هو من تصرف الرواة.
ثم إن ظاهر الحديث يقتضي تحريم الفعل المذكور للتوعد عليه بالمسخ، وبه جزم النووي في المجموع، لكن تجزئ الصلاة. وقال ابن مسعود لرجل سبق إمامه: لا وحدك صليت، ولا بإمامك اقتديت.
ورواة هذا الحديث الأربعة ما بين بصري وواسطي ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والسماع والقول، وأخرجه الأئمة الستة.