أنها كانت مباحة حينئذٍ فهي كغيرها من مباحات صدرت منهم ذلك اليوم فما الحكمة في تخصيص هذا المباح دون غيره اهـ.
وأجاب في فتح الباري: بإمكان أن يكون أورد الحديث للإشارة إلى أحد الأقوال في سبب نزول الآية المترجم بها، فقد روى الترمذي من حديث جابر أيضًا: إن الله تعالى لما كلم والد جابر وتمنى أنه يرجع إلى الدنيا ثم قال: يا رب بلغ من ورائي فأنزل الله تعالى ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا﴾ الآية [آل عمران: ١٦٩].
وحديث الباب قد أخرجه المؤلّف أيضًا فى المغازي والتفسير.
وبه قال:(حدّثنا صدقة بن الفضل) المروزي (قال: أخبرنا ابن عيينة) سفيان (قال: سمعت محمد بن المنكدر) وسقط لأبي ذر لفظ محمد (أنه سمع جابرًا) الأنصاري (يقول: جيء بأبي) عبد الله أي يوم وقعة أُحُد (إلى النبي ﷺ وقد مثل به) بضم الميم وتشديد المثلثة المكسورة أي جدع أنفه وأُذنه أو شيء من أطرافه (ووضع بين يديه فذهبت أكشف عن وجهه) الثوب (فنهاني قومي فسمع)﵊(صوت) امرأة (صائحة) ولأبي ذر عن الكشميهني: صوت نائحة زاد في الجنائز فقال من هذه (فقيل: ابنة عمرو) فاطمة أخت المقتول عمة جابر (-أخت عمرو-) عمة المقتول عبد الله والشك من الراوي (فقال)﵊:
(لِمَ تبكي) بكسر اللام وفتح الميم أي لم تبكي هي فالخطاب لغيرها، وإلاّ فلو كان مخاطبًا لها لقال: لم تبكين؟ (أو لا تبكي)، شك الراوي هل استفهم أو نهى (ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها) فكيف تبكي عليه مع حصول هذه المنزلة له؟ قال البخاري -رحمه الله تعالى- (قلت: لصدقة): أي ابن الفضل شيخه (أفيه) أي في الحديث (حتى رفع؟ قال) أبي سفيان بن عيينة (ربما قاله) أي جابر ولم يجزم وقد جزم به في الجنائز من طريق علي بن عبد الله المديني، وكذا رواه الحميدي وجماعة عن سفيان كما أفاده في فتح الباري.
وهذا الحديث قد سبق في الجنائز وأخرجه أيضًا في المغازي.