وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (أخبرنا هشام بن يوسف) الصنعاني قال: (أخبرنا معمر) بعين ساكنة بين فتحتين ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن حميد بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري (عن أبي هريرة ﵁) أنه (قال: قال رسول الله ﷺ):
(من حلف) بغير الله (فقال في حلفه) بفتح المهملة وكسر اللام يمينه (واللات والعزى) كيمين المشركين (فليقل) متداركًا لنفسه (لا إله إلا الله) المبرأ من الشرك فإنه قد ضاهى بحلفه بذلك الكفار حيث أشركهما بالله في التعظيم إذ الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى فلا يضاهى به مخلوق قال ابن العربي: من حلف بهما جادًّا فهو كافر ومن قال جاهلًا أو ذاهلًا يقول كلمة التوحيد تكفر عنه وترد قلبه عن السهو إلى الذكر ولسانه إلى الحق وتنفي عنه ما جرى به من اللغو (ومن قال لصاحبه: تعال) بفتح اللام (أقامرك) بالجزم جواب الأمر (فليتصدق) أي بشيء كما في مسلم ليكفر عنه ما اكتسبه من إثم دعائه صاحبه إلى معصية القمار المحرم بالاتفاق وقرن القمار بذكر الحلف باللات والعزى لكونهما من فعل الجاهلية.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في النذور والأدب والاستئذان ومسلم وأبو داود والترمذي في الأيمان والنذور وابن ماجة في الكفارات.
٦ - باب ﴿وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى﴾
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: (﴿ومناة الثالثة الأخرى﴾ [النجم: ٢٠]) صفة لمناة وقال أبو البقاء الأخرى توكيد لأن الثالثة لا تكون إلا أخرى. وقال الزمخشري: والأخرى ذم وهي المتأخرة الوضيعة المقدار كقوله: ﴿قالت أخراهم لأولاهم﴾ [الأعراف: ٣٨] أي ضعفاؤهم لأشرافهم ويجوز أن تكون الأوّلية والتقدم عندهم للآت والعزى. اهـ.
قال صاحب الدر وفيه نظر لأن الأخرى إنما تدل على الغيرية وليس بها تعرض لمدح ولا ذم فإن جاء شيء فلقرينة خارجية، وقيل الأخرى صفة للعزى لأن الثانية أخرى بالنسبة إلى الأولى وقال في الأنوار الثالثة الأخرى صفتان للتأكيد كقوله يطير بجناحيه ومعنى الآية هل رأيتم هذه الأصنام حق الرؤية فإن رأيتموها علمتم أنها لا تصلح للألوهية والمقصود إبطال الشركاء وإثبات التوحيد.