لتحمي والفاعل المحذوف هو النار تقديره يوم تحمى النار عليها فلما حذف الفاعل ذهبت علامة التأنيث لذهابه كقولك: رفعت القصة إلى الأمير ثم تقول رفع إلى الأمير (﴿فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم﴾) تخصيص هذه الأعضاء لأن جمع المال والبخل به كان لطلب الوجاهة فوقع العذاب بنقيض المطلوب والظهر لأن البخيل يولي ظهره عن السائل أو لأنها أشرف الأعضاء لاشتمالها على الدماغ والقلب والكبد (﴿هذا ما كنزتم لأنفسكم﴾) معمول لقول محذوف أي يقال لهم هذا ما كنزتم لمنفعة أنفسكم فصار مضرة لها وسبب تعذيبها (﴿فذوفوا ما كنتم تكنزون﴾)[التوبة: ٣٥] أي: جزاء الذين كنتم تكنزونه لأن المكنوز لا يذاق.
وثبت باب قوله ﷿ لأبي ذر وسقط له جباههم الخ وقال بعد قوله فتكوى بها الآية.
وبه قال:(وقال أحمد بن شبيب بن سعيد) بفتح المعجمة وكسر الموحدة الأولى فيما وصله أبو داود في الناسخ والمنسوخ ووقع في رواية الكشميهني في باب ما أدى زكاته فليس بكنز حدّثنا أحمد بن شبيب قال: (حدّثنا أبي) شبيب بن سعيد البصري (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (عن خالد بن أسلم) أخي زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب أنه (قال: خرجنا مع عبد الله بن عمر)﵄ زاد في الزكاة فقال أعرابي أخبرني قول الله ﴿والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقولها في سبيل الله﴾ (فقال هذا قبل أن تنزل الزكاة) إذ كانت الصدقة فرضًا بما فضل عن الكفاية لقوله تعالى: ﴿ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو﴾ [البقرة: ٢١٩] قاله ابن بطال: (فلما أنزلت) آية الزكاة (جعلها الله) أي الزكاة (طُهرًا للأموال) ولمخرجها عن رذائل الأخلاق.
(باب قوله) جل وعلا (﴿إن عدة الشهور عند الله﴾) العدة مصدر بمعنى العدد وعند الله نصب به أي أن مبلغ عددها عنده تعالى: (﴿اثنا عشر شهرًا﴾) نصب على التمييز (واثنا عشر) خبر إن (﴿في كتاب الله﴾) في اللوح المحفوظ لأنه أصل الكتب أو القرآن أو فيما حكم به وهو صفة لاثنا عشر (﴿يوم خلق السماوات والأرض﴾) متعلق بكتاب على جعله مصدرًا (﴿منها أربعة حرم﴾)[التوبة: ٣٦] وإنما قيل لهذا المقدار من الزمان شهر لأنه يشهر بالقمر ومنه ابتداؤه وانتهاؤه والقمر هو الشهر قال:
فأصبح أجلى الطرف ما يستزيده … يرى الشهر قبل الناس وهو كحيل