يحتمل كلاًّ من ما صدقاته ولا يتعين أحدهما إلا بمعين والمعين في نفس الأمر هو النية وما ذكره المصنف في قوله:(إذا قال) أي الرجل لامرأته (فارقتك أو سرحتك أو الخلية) فعيلة بمعنى فاعلة أي خلية من الزوج وهو خالٍ منها (أو البرية) من الزوج مقتضاه أن لا صريح عنده إلا لفظ الطلاق وما تصرف منه وهو قول الشافعي في القديم لكن نص في الجديد على أن الصريح لفظ الطلاق والفراق والسراح لورود ذلك في القرآن بمعنى الطلاق (أو ما عني به الطلاق) بضم العين وغيره كاستبرئي رحمك أي فقد طلّقتك فاعتدّي وحبلك على غاربك أي خليت سبيلك كما يخلى البعير في الصحراء أو يترك زمامه على غاربه وهو ما تقدم من الظهور وارتفع من العنق وودعيني وبرئت منك (فهو على نيته) إن نوى الطلاق وقع وإلاّ فلا ويدل لذلك (قول الله ﷿ ولأبي ذر: وقول الله: (﴿وسرّحوهنّ سراحًا جميلًا﴾)[الأحزاب: ٤٩] أي بالمعروف وكأنه يريد أن التسريح هنا بمعنى الإرسال لا بمعنى الطلاق لأنه أمر من طلق قبل الدخول أن يمتع ويسرّح وليس المراد من الآية تطليقها بعد التطليق قطعًا (وقال) تعالى: (﴿وأسرّحكن سراحًا جميلًا﴾)[الأحزاب: ٢٨] فهو مجمل يحتمل التطليق والإرسال وإذا احتملت الأمرين انتهى أن تكون صريحة في الطلاق كذا قرّره في الفتح وتعقبه العيني بأن معنى أسرّحكن أطلقكنّ لأنه لم يسبق هنا طلاق فمن أين يأتي الاحتمال (وقال تعالى: ﴿فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان﴾)[البقرة: ٢٢٩] أي إن هذه الآية وردت بلفظ الفراق في موضع ورودها بالبقرة بلفظ السراح والحكم فيهما واحد لأنه ورد في الموضعين بعد وقوع الطلاق فالمراد به الإرسال (وقال) تعالى: (﴿أو فارقوهن بمعروف﴾)[الطلاق: ٢] لأن سياقها بعد وقوع الطلاق فلا يراد بها الطلاق بل الإرسال ومباحث هذا مقررة في محاله من دواوين الفقه.
(وقالت عائشة)﵂: مما وصله في آخر حديث في باب موعظة الرجل ابنته من كتاب النكاح (قد علم النبي ﷺ أن أبويّ لم يكونا يأمراني بفراقه).
(باب من قال لامرأته: أنت عليّ حرام. وقال الحسن) البصري فيما وصله عبد الرزاق (نيته) أي فإن نوى طلاقًا وإن تعدّد أو ظهارًا، وقع المنوي لأن كلاًّ منهما يقتضي التحريم فجاز أن يكنى عنه بالحرام أو نواهما معًا أو مرتبًا تخير وثبت ما اختاره منهما ولا يثبتان جميعًا لأن الطلاق يزيل النكاح والظهار يستدعي بقاءه هذا مذهب الشافعية. وقال الحنفية: إن نوى واحدة فهي