السعي بين الصفا والمروة؟ (فقال: كنا نرى) بفتح النون، ولأبي ذر: نري بضمها (أنهما من أمر الجاهلية) الذي كانوا يتعبدون به (فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما) فأنزل الله تعالى: (﴿إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه﴾) كذا لأبي ذر ولغيره بعد ﴿إن الصفا والمروة﴾ إلى قوله: ﴿أن يطوّف بهما﴾.
(باب قوله) تعالى: (﴿ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادًا﴾)[البقرة: ١٦٥]. من الأصنام (أضدادًا) كذا فسره أبو عبيدة وهو تفسير باللازم، لأن الندّ في اللغة المثل، وزاد أبو ذر في روايته بعد قوله: ﴿أندادًا يحبونهم كحب الله﴾ يعني أضدادًا (واحدها ندّ) بكسر النون وتشديد الدال المهملة، والكاف في ﴿كحب الله﴾ في محل نصب نعت لمصدر محذوف. وقال ابن عطية: حب مصدر مضاف للمفعول في اللفظ، وهو في التقدير مضاف للفاعل المضمر التقدير: كحبكم الله أو كحبهم الله، ومراده بالمضمر أن ذلك الفاعل من جنس الضمائر، ولا يريد أن الفاعل مضمر في المصدر كما يضمر في الأفعال لأن هذا قول مردود، لأن المصدر اسم جنس لا يضمر فيه لجموده، والمعنى أنهم يعظمونهم كتعظيم الله ويسوون بينه وبينهم في المحبة وسقط باب قوله لأبي ذر.
وبه قال:(حدّثنا عبدان) هو عبد الله بن عثمان المروزي (عن أبي حمزة) بالحاء المهملة والزاي محمد بن ميمون (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن شقيق) أبي وائل بن سلمة (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه (قال: قال النبي ﷺ كلمة وقلت أخرى قال النبي ﷺ):
(من مات وهو يدعو من دون الله ندًّا) مثلًا (دخل النار) والندّ المثل من ندّ ندودًا إذا نفر، وناددت الرجل خالفته خص بالمخالف المماثل في الذات كما خص المساوي للمماثل في القدر، وتسمية ما يعبده المشركون من دون الله أنداد لأنهم لما تركوا عبادته إلى عبادتها شابهت حالهم حال من يعتقد أنها ذوات واجبة بالذات قادرة على أن تدفع عنهم بأس الله، وتمنحهم ما لم يرد الله تعالى بهم من خير فتهكم بهم وشنع عليهم بأن جعلوا أندادًا لمن يمتنع أن يكون له ند.
(وقلت أنا: من مات وهو لا يدعوا لله ندًا دخل الجنة) لأن انتفاء السبب يقتضي انتفاء