وبه قال:(حدّثنا قبيصة) بفتح القاف ابن عقبة قال: (حدّثنا سفيان) الثوري أو ابن عيينة (عن زيد بن أسلم) أنه (قال: سمعت ابن عمر يقول: جاء رجلان من المشرق) مشرق المدينة وهما الزبرقان بن بدر التميمي وعمرو بن الأهيم سنة تسع من الهجرة وأسلما (فخطبا) خطبتين بليغتين يأتيان في الطب إن شاء الله تعالى بعون الله تعالى (فقال النبي ﷺ):
(إن من البيان سحرًا) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: لسحرًا بزيادة اللام للتأكيد والبيان نوعان ما تحصل به الإنابة عن المراد والآخر تحسين اللفظ بحيث يستميل قلب السامع وهو الذي يشبه بالسحر إذا جلب القلوب وغلب على النفوس وهو عبارة عن تصنع في الكلام وتكلف تحسينه وصرف الشيء عن حقيقته كالسحر الذي هو تخييل لا حقيقة والمذموم منه ما يقصد به الباطل.
قال في فتح الباري: وجه مناسبة الحديث للترجمة كأنه أشار إلى أن الخطبة وإن كانت مشروعة في النكاح فينبغي أن لا يكون فيها ما يقتضي صرف الحق إلى الباطل بتحسين الكلام، وقال المهلب: الخطبة في النكاح إنما شرعت للخاطب ليسهل أمره فشبه حسن التواصل إلى الحاجة بحسن الكلام فيها باستنزال المرغوب إليه بالبيان بالسحر وإنما كان كذلك لأن النفوس طبعت على الأنفة من ذكر الموليات في أمر النكاح فكان حسن التوصل لدفع تلك الأنفة وجهًا من وجوه السحر الذي يصرف الشيء إلى غيره انتهى.
المستحب في النكاح أربع خطب: خطبة من الخاطب قبل الخطبة بكسر الخاء وخطبة من المجيب قبل الإجابة، وخطبتان قبل النكاح إحداهما من الولي قبل الإيجاب والأخرى من الخاطب قبل القبول لحديث "كل أمر ذي بال" وأخرج أصحاب السنن وصححه أبو عوانة وابن حبان مرفوعًا عن ابن مسعود: إذا أراد أحدكم أن يخطب لحاجة من نكاح أو غيره فليقل إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله ﷺ وعلى آله وصحبه. ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾ [آل عمران: ١٠٢]، ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم﴾ إلى قوله: ﴿رقيبًا﴾ [النساء: ١]، ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدًا﴾ إلى قوله: ﴿عظيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠].