(باب) ذكر قوله تعالى: (﴿يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام﴾) مصدر صام يصوم صيامًا الأصل صوامًا فأبدلت الواو ياء، والصوم لغة الإمساك وشرعًا الإمساك عن المفطرات الثلاث الأكل والشرب والجماع نهارًا مع النية (﴿كما كتب على الذين عن قبلكم﴾) قيل موضعه نصب نعت مصدر محذوف أي كتب كتبًا وقيل كاف كما في موضع نصب على النعت تقديره كتابًا كما أو صومًا كما أو علي الحال كان الكلام كتب عليكم الصيام مشبهًا ما كتب على الذين من قبلكم، والمعنى كما قيل صومكم كصومهم في عدد الأيام كما روي أن رمضان كتب على النصارى فوقع في برد أو حر شديد فحوّلوه إلى الربيع وزادوا عليه عشرين يومًا كفارة لتحويله فالتشبيه حقيقة. وروى ابن أبي حاتم من حديث ابن عمر مرفوعًا بإسناد فيه مجهول صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم، أو المراد مطلق الصيام دون وقته وقدره، فالتشبيه واقع على نفس الصوم فقط وكان الصوم على آدم ﵊ أيام البيض وعلى قوم موسى عاشوراء فالتشبيه لا يقتضي التسوية من كل وجه (﴿لعلكم تتقون﴾)[البقرة: ١٨٣] لأن الصوم فيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان.
وبه قال:(حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر ﵄) أنه (قال: كان عاشوراء يصومه أهل الجاهلية) قريش ولعلهم اقتدوا في ذلك بشرع سبق (فلما نزل رمضان) أي صوم رمضان في شعبان في السنة الثانية من الهجرة (قال)﵊: (من شاء صامه ومن شاء لم يصمه).
وبه قال:(حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا ابن عيينة) سفيان (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة رضي الله تعالى