ومغاربها من كنوز كسرى وقيصر وخاقان ما لا يحصى، وبارك الله تعالى في مكيالها بحيث يكفي المد فيها من لا يكفيه في غيرها، ولقد رأيت من ذلك الأمر الكبير فاسأل الله تعالى بوجهه الكريم، ونبيّه العظيم، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم أن يمنّ عليّ وأحبابي والمسلمين بالمقام بها على أحسن حال مع الإقبال والقبول، وبلوغ المأمول، والوفاة بها على الإسلام، والقرب منه ﵊، في دار السلام بمنّه وكرمه.
٢٩ - باب الأَكْلِ فِي إِنَاءٍ مُفَضَّضٍ
(باب) حكم (الأكل في إناء مفضض) أي جعل فيه الفضه بالتضبيب أو بالخلط أو بالطلاء.
وبه قال:(حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا سيف بن أبي سليمان) المخزومي (قال: سمعت مجاهدًا) أبا الحجاج بن جبر مولى السائب بن أبي السائب المخزومي (يقول: حدّثني) بالإفراد (عبد الرحمن بن أبي ليلى) الأنصاري عالم الكوفة (أنهم كانوا عند حذيفة) بن اليمان (فاستسقى فسقاه مجوسي) أي يعرف الحافظ ابن حجر اسمه ولمسلم من حديث عبد الله بن حكيم قال: كنا مع حذيفة بالمدائن فاستسقى حذيفة فجاءه دهقان بشراب في إناء من فضة (فلما وضع القدح) الذي فيه الماء (في يده رماه) أي رمى المجوسي (به) بالقدح أو رمى القدح بالشراب ولأبي ذر رمي به وزاد في رواية عند الإسماعيلي وأصله في مسلم رماه به فكسره (وقال لولا أني) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي لولا أنه (نهيته) بلساني (غير مرة ولا مرتين) عن استعمال آنية الذهب والفضة ما رميته لكنه لما لم ينته بالنهي اللساني مع تكراره رميته به تغليطًا عليه (كأنه) أي حذيفة (يقول لم أفعل هذا ولكني سمعت النبي ﷺ يقول):
(لا تلبسوا الحرير والديباج) الثياب المتخذة من الإبريسم فارسيّ معرّب (ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها) هذا على حدّ قوله تعالى: ﴿والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها﴾ [التوبة: ٣٤] فالضمير عائد على الفضة ويلزم حكم الذهب بطريق الأولى (فإنها لهم) للكفار (في الدنيا) قال الإسماعيلي: ليس المراد بقوله لهم في الدنيا إباحة استعمالهم إياها وإنما المعنى أي هم الذين يستعملونها مخالفة لزي المسلمين (ولنا) ولأبي ذر وهي لكم (في الآخرة) مكافأة على تركها في الدنيا ويمنعها أولئك جزاء لهم على معصيتهم باستعمالها.