بالجزم (فقال) يوشع (فيكم الغلول، فجاؤوا برأس مثل رأس بقرة) ولابن عساكر: البقرة بالتعريف (من الذهب، فوضعوها فجاءت النار فأكلتها)، قال ابن المنير: جعل الله علامة الغلول إلزاق يد الغال وألهم ذلك يوشع فدعاهم للمبايعة حتى تقوم له العلامة المذكورة، وكذلك يوفق الله تعالى خواص هذه الأمة من العلماء لمثل هذا الاستدلال.
فقد روي في الحكايات المسندة عن الثقات أنه كان بالمدينة محمة يغسل فيها النساء وأنه جيء إليها بامرأة فبينما هي تغسل إذ وقفت عليها امرأة فقالت: إنك زانية وضربت يدها على عجيزة المرأة الميتة فألزقت يدها فحاولت وحاول النساء نزع يدها فلم يمكن ذلك فرفعت إلى والي المدينة فاستشار الفقهاء فقال قائل بقطع يدها، وقال آخر بقطع بضعة من الميتة لأن حرمة الحي آكد فقال الوالي: لا أبرم أمرًا حتى أؤامر أبا عبد الله فبعث إلى مالك ﵀ فقال: لا تقطع من هذه ولا من هذه ما أرى هذه إلاَّ امرأة تطلب حقها من الحدّ فحدّوا هذه القاذفة فضربها تسعة وسبعين سوطًا ويدها ملتصقة فلما ضربها تكملة الثمانين انحلت يدها، فإما أن يكون مالك ﵀ اطلع على هذا الحديث فاستعمله بنور التوفيق في مكانه، وإما أن يكون وفق فوافق وقد كان الزاق يد الغال بيد يوشع تنبيها على أنها يد عليها حق يطلب أن يتخلص منه، أو دليلاً على أنها يد ينبغي أن يضرب عليها ويحبس صاحبها حتى يؤدي الحق إلى الإمام وهو من جنس شهادة اليد على صاحبها يوم القيامة.
واستنبط من هذا الحديث أن أحكام الأنبياء قد تكون بحسب الأمر الباطن.
(ثم أحل الله لنا الغنائم)، خصوصية لنا وكان ابتداء ذلك من غزوة بدر (رأى)﷾(ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا) رحمة بنا لشرف نبينا ﵊ ولم يحلها لغيرنا لئلا يكون قتالهم لأجل الغنيمة لقصورهم في الإخلاص بخلاف هذه الأمة المحمدية فإن الإخلاص فيهم غالبًا جعلنا الله من المخلصين بمنه وكرمه، وفي التعبير بلنا تعظيم حيث أدخل ﵊ نفسه الكريمة معنا، وفي قوله إن الله رأى عجزنا وضعفنا إشارة إلى أن الفضيلة عند الله تعالى هي إظهار العجز والضعف بين يديه تعالى.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في النكاح ومسلم في المغازي.
٩ - باب الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ
هذا (باب) بالتنوين (الغنيمة لمن شهد الوقعة) لا لمن غاب عنها.