(فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله) إسحاق (ابن خليل الله) إبراهيم والمراد أنهم أكرم الناس أصلاً لأنهم سلسلة النبوة (قالوا: ليس عن هذا نسألك قال فعن) ولأبي ذر: أفعن (معادن العرب) أي أصولها التي ينسبون إليها "تسألوني"؟ ولأبي ذر تسألونني بنونين فتحتية (قالوا: نعم. قال فخياركم في الجاهلية خياركم) بالكاف فيهما (في الإسلام إذا فقهوا) بضم القاف ولأبي ذر فقهوا بكسرها وفيه فضل الفقه وأنه يرفع صاحبه على من نسبه أعلى منه.
وهذا الحديث سبق في باب قوله تعالى: ﴿واتخذ الله إبراهيم خليلاً﴾.
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه قوله تعالى في سورة النمل (﴿ولوطا﴾) نصب عطفًا على صالحًا أي وأرسلنا لوطًا أو عطفًا على الذين آمنوا أي وأنجينا لوطًا أو باذكر مضمرة (﴿إذ قال﴾) بدل على اذكر وظرف على أرسلنا. قال الطيبي: ولا يجوز أن يكون بدلاً إذ لا يستقيم أرسلنا وقت قوله: (﴿لقومه أتاتون الفاحشة﴾) الفعلة القبيحة والاستفهام إنكاري (﴿وأنتم تبصرون﴾) جملة حالية من فاعل تأتون أو من الفاحشة والعائد محذوف أي وأنتم تبصرونها لستم عميًا عنها جاهلين بها واقتراف القبائح من العالم بقبحها أقبح، وقيل يرى بعضكم بعضًا وكانوا لا يستترون عتوًّا منهم (﴿أئنكم لتأتون الرجال شهوة﴾) مفعول من أجله وبيان لإتيانهم الفاحشة (﴿من دون النساء﴾) اللاتي خلقن لذلك (﴿بل أنتم قوم تجهلون﴾) عاقبة المعصية أو موضع قضاء الشهوة.
وقول الزمخشري فإن قلت: فسرت تبصرون بالعلم وبعده بل أنتم قوم تجهلون فكيف يكونون علماء جهلاء؟ فالجواب: تفعلون فعل الجاهلين بأنها فاحشة مع علمكم بذلك تعقبه الطيبي فقال: هذا الجواب غير مرضي تأباه كلمة الإضراب، بل أنه تعالى لما أنكر عليهم فعلهم على الإجمال وسماه فاحشة وقيده بالحال المقررة لجهة الاشكال تتميمًا للإنكار بقوله: ﴿وأنتم تبصرون﴾ أراد مزيد ذلك التوبيخ والإنكار فكشف عن حقيقة تلك الفاحشة متصلاً، وصرح بذكر الرجال على بلام الجنس مشيرًا به إلى أن الرجولية منافية لهذه الحالة، وقيده بالشهوة التي هي أخس أحوال البهيمة. وقد تقرر عند ذوي البصائر أن إتيان النساء لمجرد الشهوة مسترذل فكيف بالرجال؟ وضم إليه من دون النساء وآذن بأن ذلك ظلم فاحش ووضع للشيء في غير موضعه، ثم اضرب عن الكل بقوله: ﴿بل أنتم قوم تجهلون﴾ أي كيف يقال لمن يرتكب هذه الشنعاء وأنتم تعلمون فأولى حرف الإضراب ضمير أنتم وجعلهم قومًا جاهلين والتفت في تجهلون موبخًا معيرًا اهـ.