قال الكرماني فإن قلت: كيف يخير النبي ﷺ في أمرين أحدهما إثم؟ وأجاب: بأن التخيير إن كان من الكفار فظاهر وإن كان من الله والمسلمين فمعناه ما لم يؤد إلى إثم كالتخيير في المجاهدة في العبادة والاقتصاد فيها فإن المجاهدة بحيث تجر إلى الهلاك لا تجوز اهـ.
ونحوه أجاب به ابن بطال والأقرب كما قال في الفتح إن فاعل التخيير الآدمي وهو ظاهر وأمثلته كثيرة ولا سيما إذ صدر من كافر.
(فإذا كان الإثم كان أبعدهما) أي أبعد الأمرين (منه) ﷺ (والله ما انتقم) ﷺ (لنفسه في شي له يؤتى إليه قط) بضم التحتية وفتح الفوقية (حتى تنتهك) بضم الفوقية الأولى وفتح الثانية بينهما نون ساكنة (حرمات الله) بارتكاب معاصيه (فينتقم لله) بالرفع أي فهو ينتقم، ولأبي ذر فينتقم بالنصب عطفًا على تنتهك.
والحديث سبق في باب صفة النبي ﷺ.
١١ - باب إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ
(باب) وجوب (إقامة الحدود على الشريف والوضيع).
٦٧٨٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُسَامَةَ كَلَّمَ النَّبِىَّ ﷺ فِى امْرَأَةٍ فَقَالَ: «إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا يُقِيمُونَ الْحَدَّ عَلَى الْوَضِيعِ، وَيَتْرُكُونَ الشَّرِيفَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ فَاطِمَةُ فَعَلَتْ ذَلِكَ، لَقَطَعْتُ يَدَهَا».
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة) ﵂ (أن أسامة) بن زيد (كلم النبي ﷺ) للشفاعة (في امرأة) اسمها فاطمة المخزومية وكانت سرقت حليًّا فقالوا من يكلم فيها النبي ﷺ حتى لا تقطع يدها لم يجسر أحد أن يكلمه في ذلك فكلمه أسامة بن زيد (فقال) ﷺ:
(إنما هلك من كان قبلكم إنهم) أي لأنهم (كانوا يقيمون الحد على الوضيع ويتركون الشريف) فلا يقيمون عليه الحد، ولأبي ذر عن الكشميهني ويتركون على الشريف أي يتركون إقامة الحد على الشريف (والذي نفسي بيده لو) فعلت (فاطمة) ﵂ بنت النبي ﷺ ذلك ولأبي ذر عن الحموي والمستملي لو أن فاطمة (فعلت ذلك لقطعت يدها).
والحديث سبق في بني إسرائيل والمناقب وأخرجه أصحاب السنن الأربعة ومسلم.
١٢ - باب كَرَاهِيَةِ الشَّفَاعَةِ فِى الْحَدِّ إِذَا رُفِعَ إِلَى السُّلْطَانِ
(باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان).