ولما بيّن تعالى جهلهم بين أنهم أجابوا بما لا يصلح أن يكون جوابًا فقال:(﴿فقال كان جواب قومه﴾) خبر متقدم (﴿إلا أن قالوا﴾) في موضع الاسم (﴿أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون﴾) أي يتنزهون عن أفعالنا التي هي إتيان أدبار الرجال قالوه تهكمًا واستهزاء (﴿فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها﴾) قضينا عليها وجعلناها بتقديرنا (﴿من الغابرين﴾) من الباقين في العذاب (﴿وأمطرنا عليهم مطرًا﴾) وهو الحجارة (﴿فساء﴾) فبئس (﴿مطر المنذرين﴾) أي مطرهم فالمخصوص بالذم محذوف وسقط لأبي ذر قوله ﴿وأنتم تبصرون﴾ إلى آخر ﴿وأمطرنا عليهم مطرًا﴾ وقال بعد قوله ﴿أتأتون الفاحشة﴾ إلى قوله ﴿فساء مطر المنذرين﴾.
وبه قال:(حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرَّحمن بن هرمز (عن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال):
(يغفر الله للوط إن كان) أي أنه كان (ليأوي إلى ركن شديد) إلى الله تعالى. وسبق هذا الحديث في باب قوله ﷿: ﴿ونبئهم عن ضيف إبراهيم﴾ [الحجر: ٥١].
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى. (﴿فلما جاء آل لوط المرسلون﴾) أي الملائكة المرسلون من عند الله بعذاب قوم مجرمين ولم يعرّفوهم أنهم ملائكة (﴿قال﴾) لهم لوط (﴿إنكم قوم منكرون﴾)[الحجر: ٦١ - ٦٢] لأنهم لما هجموا عليه استنكرهم وخاف من دخولهم لأجل شرّ يوصلونه إليه (﴿بركنه﴾)[الذاريات: ٣٩] في قوله تعالى: ﴿وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين فتولى بركنه﴾ [الذاريات: ٣٨ و ٣٩] أي أدبر عن الإيمان (بمن معه) من قومه (لأنهم قوّته) التي كان يتقوى بها كالركن الذي يتقوى به البنيان كقوله تعالى: ﴿أو آوي إلى ركن شديد﴾ [هود: ٨٠] وذكره المؤلّف هنا استطرادًا لقوله في قصة لوط أو آوي إلى ركن شديد (﴿تركنوا﴾) في قوله تعالى: ﴿ولا تركنوا إلى الذين ظلموا﴾ [هود: ١١٣] أي لا (تميلوا) وذكرها استطرادًا أيضًا (فأنكرهم ونكرهم واستنكرهم واحد) في المعنى، وهذا قول أبي عبيدة في قوله تعالى: ﴿فلما رأى أيديهم لا تصل إليهم نكرهم﴾ [هود: ٧٠] واعترض هذا بأن الإنكار من