﵂(سأل أناس) ذكر في مسلم ممن سأل معاوية بن الحكم السلمي (رسول الله ﷺ عن الكهان) بضم الكاف وتشديد الهاء جمع كاهن وهو من يدعي علم الأخبار المستقبلة (فقال لهم رسول الله ﷺ):
(ليسوا بشيء) فيما يتعاطونه من علم الغيب أي ليس قولهم بصحيح يعتمد عليه كما يعتمد قول النبي ﷺ الذي يخبر عن الوحي (قالوا: يا رسول الله فإنهم يحدثون أحيانًا بالشيء) من الغيب (يكون حقًّا فقال رسول الله ﷺ: تلك الكلمة من الحق يخطفها) بكسر الطاء في الفرع مصلحة والمشهور فتحها وفي اليونينية كشط الخفضة ولم يضبط الطاء أي يأخذها (الجني) بسرعة (فيقرها) بفتح التحتية وضم القاف مصححًا عليها في الفرع كأصله وبتشديد الراء أي يصوّت بها (في أذن وليه) الكاهن (قرّ الدجاجة) بتثليث الدال المهملة حكاه ابن معين الدمشقي وابن مالك وغيرهما، وقرّ الدجاجة صوتها إذا قطعته ويروى بالزاي بدل الدال واختارها التوربشتي وردّ رواية الدال. قال في شرح المشكاة: لا ارتياب أن قرّ الدجاجة مفعول مطلق وفيه معنى التشبيه فكما يصح أن يشبه إيراد ما اختطفه من الكلام في أذن الكاهن بصب الماء في القارورة يصح أن يشبه ترديد كلام الجني في أذن الكاهن بترديد الدجاجة صوتها في أذن صواحبها كما نشاهد الذيكة إذا وجدت شيئًا فتقرّ وتسمع صواحبها فيجتمعن عليها وباب التشبيه باب واسع لا يفتقر إلا إلى العلاقة على أن الاختطاف هاهنا مستعار للكلام من خطف الطير فتكون الدجاجة أنسب من القارورة لحصول الترشيح في الاستعارة. قال: ويؤيد ما ذهبنا إليه قول ابن الصلاح أن الأصل قرّ الدجاجة بالدال فصحف إلى قرّ الزجاجة بالزاي (فيخلطون فيها) في الكلمة التي سمعها استراقًا من الوحي (أكثر من مائة كذبة) بفتح الكاف وسكون المعجمة وقوله فيخلطون جمع بعد الإفراد نظرًا إلى الجنس.
(باب) جواز (رفع البصر إلى السماء) وقوله تعالى: (﴿أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت﴾) طويلة ثم تبرك حتى تركب ويحمل عليها ثم تقوم (﴿وإلى السماء كيف رفعت﴾)[الغاشية: ١٧ - ١٨] رفعًا بعيد المدى بلا مساك ولا عمد ثم نجومها تكثر حتى لا تدخل في حساب الخلق، وتخصيص هذين والآيتين بعدهما وهما الجبال والأرض باعتبار أن هذا خطاب للعرب وحث لهم على الاستدلال والمرء إنما يستدل بما تكثر مشاهدته له والعرب تكون في البوادي ونظرهم فيها إلى السماء والأرض والجبال والإبل فهي أعز أموالهم وهم لها أكثر استعمالاً منهم لسائر الحيوانات، ولأنها مجمع جميع المآرب المطلوبة من الحيوان وهي الغسل والدر والحمل والركوب