وبه قال:(حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد العنبري مولاهم التنوري (عن أبي التياح) يزيد بن حميد الضبعي (عن أنس ﵁) أنه (قال: قال النبي ﷺ) لما أراد بناء مسجده:
(يا بني النجار ثامنوني) بالمثلثة أي ساوموني "حائطكم" ببستانكم (قالوا لا نطلب ثمنه إلا إلى الله)﷿ أي منه ولا يصير الملك وقفًا بقول مالكه لا أطلب ثمنه إلا إلى الله، لكن أجاب ابن المنير بأن مراد البخاري أن الواقف يصح بأي لفظ دلّ عليه إما بمجرده أو بقرينة اهـ.
وألفاظ الواقف صريحة كوقفت كذا وحبست وسبلت أو أرضي موقوفة أو محبسة أو مسبلة، وكناية كحرمت هذه البقعة للمساكين أو أبدتها، أو داري محرمة أو مؤيدة، ولو قال تصدقت به على المساكين ونوى الوقف فوجهان: أصحهما أن النية تلتحق باللفظ ويصير وقفًا وإن أضاف إلى معين فقال تصدقت عليك، أو قاله لجماعة معينين لم يكن وقفًا على الصحيح بل ينفذ فيما هو صريح فيه وهو التمليك المحض، ولو قال: جعلت هذا المكان مسجدًا صار مسجدًا على الأصح لإشعاره بالمقصود واشتهاره فيه.
(باب) بيان سبب نزول (قول الله تعالى) ولأبي ذر ﷿(﴿يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم﴾) أي شهادة اثنين فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه أو التقدير فيما أمرتم شهادة بينكم والمراد بالشهادة الإشهاد وأضافها إلى الظرف على الاتساع (﴿إذا حضر أحدكم الموت﴾) أحدكم نصب على المفعولية وإذا حضر ظرف للشهادة وحضور الموت مشارفته وظهور أمارات بلوغ الاجل (﴿حين الوصية﴾) بدل من إذا حضر قال في الكشاف: وفي إبداله منه دليل على وجوب الوصية وأنها من الأمور اللازمة التي ما ينبغي أن يتهاون بها المسلم ويذهل عنها وخبر المبتدأ الذي هو شهادة بينكم