(وأخبرنا الأوزاعي) عبد الرحمن (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن جابر بن عبد الله، ﵄، قال):
(كان رسول الله،ﷺ يقول لقتلى أحد: أي هؤلاء) القتلى (أكثر أخذًا للقرآن؟ فإذا أشير له إلى رجل قدمه في اللحد قبل صاحبه). وهذا منقطع لأن ابن شهاب لم يسمع من جابر (-وقال جابر-) المذكور: (فكفن أبي) عبد الله بن عمرو بن حرام (وعمي) عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام، وسماه: عمّا تعظيمًا له، وليس هو عمه، بل ابن عمه وزوج أخته، هند بنت عمرو (في نمرة واحدة) بفتح النون وكسر الميم، بردة من صوف أو غيره، مخططة. وذكر الواقدي وابن سعد: أنهما كفنا في نمرتين، فإن صح حمل على أن النمرة الواحدة شقت بينهما نصفين.
وفي طبقات ابن سعد: أن ذلك كان بأمر رسول الله، ﷺ، ولفظه، قالوا: وكان عبد الله بن عمرو بن حرام أول قتيل قتل من المسلمين يوم أحد، قتله سفيان بن عبد شمس. وقال رسول الله،ﷺ: كفنوا عبد الله بن عمرو، وعمرو بن الجموح في نمرة واحدة. لما كان بينهما من الصفاء. وقال: ادفنوا هذين المتحابين في الدنيا في قبر واحد.
(وقال سليمان بن كثير) بالمثلثة العبدي، مما وصله الذهلي في الزهريات:(حدّثني الزهري) قال: (حدّثني) بالإفراد فيهما (من سمع جابرًا ﵁) هو المسمى في رواية الليث، وهو: عبد الرحمن بن كعب بن مالك.
وبهذا التفسير يمكن نفي الاضطراب الذي أطلقه الدارقطني في هذا الحديث عنه، وأما رواية الأوزاعي المرسلة، فتصرف فيها بحذف الواسطة، وإنما أخرجها مع انقطاعها لأن الحديث عنده عن عبد الله بن المبارك، عن الليث، والأوزاعي جميعًا عن الزهري، فأسقط الأوزاعي عبد الرحمن بن كعب، وأثبته الليث. وهما في الزهري سواء. وقد صرحا جميعًا بسماعهما له منه، فقبل زيادة الليث لثقته، ثم قال بعد ذلك: ورواه سليمان بن كثير، عن الزهري، عمن سمع جابرًا. وأراد بذلك إثبات الواسطة بين الزهري وجابر فيه في الجملة، وتأكيد رواية الليث بذلك، وقد رد هذا بأن الاختلاف على الثقات والإبهام مما يورث الاضطراب، ولا يندفع ذلك بما ذكر، والله أعلم.
٧٧ - باب الإِذْخِرِ وَالْحَشِيشِ فِي الْقَبْرِ
(باب) استعمال (الإذخر) بكسر الهمزة، وسكون الذال المعجمة، نبت طيب الرائحة (والحشيش) إلحاقًا له بالإذخر في الفرج التي تتخلل بين اللبنات (في القبر) واستعماله فيه بالبسط ونحوه، لا التطيب.