عمرو بن سعيد بن العاصي الأموي (عن سعيد بن أبي سعيد) المقبري (عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(قال الله)﷿(ثلاثة) أي من الناس (أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي) أي أعطى العهد باسمي واليمين بي وذكر الثلاثة ليس للتخصيص لأنه ﷾ خصم لجميع الظالمين ولكنه أراد التشديد على هؤلاء الثلاثة والخصم يقع على الواحد فما فوقه والمذكر والمؤنث بلفظ واحد (ثم غدر) نقض العهد الذي عليه ولم يفِ به (ورجل باع حرًّا) عالمًا متعمدًا (فأكل ثمنه) وخصّ الأكل بالذكر لأنّه أعظم مقصود وفي حديث عبد الله بن عمر عند أبي داود مرفوعًا: ورجل اعتبد محررًا وهو أعم من الأول في الفعل وأخص منه في المفعول به واعتباد الحر كما قاله الخطابي يقع بأمرين: إما بأن يعتقه ثم يكتم ذلك أو يجحده، وإما بأن يستخدمه كرهًا بعد العتق والأول أشدهما. قال ابن الجوزي: الحر عبد الله فمن جني عليه فخصمه سيده. (ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه) العمل (ولم يعطه أجره) بفتح الهمزة وهذا كاستخدام الحر لأنه استخدمه بغير عوض فهو عين الظلم.
(باب أمر النبي ﷺ اليهود ببيع أرضيهم) قال الحافظ ابن حجر: كذا في رواية أبي ذر بفتح الراء وكسر الضاد المعجمة جمع أرض وهو جمع شاذ لأنه جمع جمع سلامة ولم يبق مفرده سالمًا لأن الراء في المفرد ساكنة وفي الجمع محركة، وفي نسخة أرضهم بسكون الراء على الإفراد (و) بيع (دمنهم) وهذه اللفظة ساقطة في بعض الأصول (حين أجلاهم) بالجيم الساكنة بعد الهمزة المفتوحة أي أخرجهم من المدينة (فيه المقبري) أي حديثه (عن أبي هريرة) المروي في باب إخراج اليهود من جزيرة العرب من كتاب الجهاد ولفظه: بينما نحن في المسجد خرج النبي ﷺ فقال انطلقوا إلى يهود فخرجنا حتى جئنا بيت المدراس فقال أسلموا تسلموا واعلموا أن الأرض لله ورسوله وإني أريد أن أجليكم من هذه الأرض فمن يجد منكم بماله شيئًا فليبعه وإلاّ فاعلموا أن الأرض لله ورسوله.
قال الزركشي وغيره: إن اليهود هم بنو النضير والظاهر أنهم بقايا من اليهود تخلفوا بالمدينة بعد إجلاء بني قينقاع وقريظة والنضير والفراغ من أمرهم، لأن هذا كان قبل إسلام أبي هريرة لأنه إنما جاء بعد فتح خيبر كما هو معروف، وقد أقر ﷺ يهود خيبر على أن يعملوا في الأرض واستمروا إلى أن أجلاهم عمر ﵁.
قال ابن المنير: والعجب أن ترجمة البخاري هنا على بيع اليهود أرضهم ولم يذكر فيه إلا حديث أبي هريرة وليس فيه للأرض ذكر إلا أن يكون أخذ ذلك بطريق العموم من قوله: فمن يجد منكم