فيما يتعلق بالبخاري في صحيحه من تقرير شرطه وتحريره وضبطه وترجيحه على غيره كصحيح مسلم ومن سار كسيره والجواب عما انتقده عليه النقاد من الأحاديث ورجال الإسناد وبيان موضوعه، وتفرده بمجموعه، وتراجمه البديعة المثال، المنيعة المنال وسبب تقطيعه للحديث واختصاره وإعادته له في الأبواب وتكراره وعدة أحاديثه الأصول والمكرّرة حسبما ضبطه الحافظ ابن حجر وحرره
وهذا الفصل أعزّك الله تعالى لخصته من مقدّمة فتح الباري، مستمدًّا من سيح فضله الجاري، أنبأتني المسندة أُم حبيبة زينب بنت الشوبكي المكية، أخبرنا البرهان بن صديق الرسام، أخبرنا أبو النون يونس بن إبراهيم عن أبي الحسن بن المقير عن أبي المعمر المبارك بن أحمد الأنصاري، قال أخبرنا أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي، قال في جزء شروط الأئمة له: اعلم أن البخاري ومسلمًا ومن ذكرنا بعدهما لم ينقل عن واحد منهم أنه قال شرطت أن أخرّج في كتابي مما يكون على الشرط الفلاني، وإنما يعرف ذلك من سير كتبهم فيعلم بذلك شرط كل رجل منهم، واعلم أن شرط البخاري ومسلم أن يخرجا الحديث المتفق على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور من غير اختلاف بين الثقات الأثبات، ويكون إسناده متصلاً غير مقطوع، وإن كان للصحاب راويان فصاعدًا فحسن، وإن لم يكن له إلاّ راوٍ واحد إذا صح الطريق إلى ذلك الراوي أخرجاه.
ثم قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ الأديب الشيرازي بنيسابور، قال: قال أبو عبد الله محمد بن عبد الله يعني الحاكم في كتابه المدخل إلى الإكليل القسم الأوّل: من المتفق عليه اختيار البخاري ومسلم وهو الدرجة الأولى من الصحيح. ومثاله الحديث الذي يرويه الصحابيّ المشهور عن رسول الله ﷺ، وله راويان ثقتان ثم يرويه عنه من أتباع التابعين الحافظ المتقن المشهور، وله رواة من الطبقة الرابعة. ثم يكون شيخ البخاري ومسلم حافظًا متقنًا مشهورًا بالعدالة، فهذه الدرجة من الصحيح اهـ. وتعقب ذلك الحافظ ابن طاهر فقال: إن الشيخين لم يشترطا هذا الشرط ولا نقل عن واحد منهما أنه قال ذلك، والحاكم قدّر هذا التقدير وشرط لهما هذا الشرط على ما ظن، ولعمري إنه لشرط حسن لو كان موجودًا في كتابيهما، إلا أنّا وجدنا هذه القاعدة التي أسّسها الحاكم منتقضة في الكتابين جميعًا، فمن ذلك في الصحابيّ أن البخاري أخرج حديث قيس بن أبي حازم عن مرداس