للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحديث الباب هذا أخرجه مسلم في الحدود والنسائي في الرجم.

١٢ - باب الْخُلْعِ، وَكَيْفَ الطَّلَاقُ فِيهِ؟

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَن لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ﴾ وَأَجَازَ عُمَرُ الْخُلْعَ دُونَ السُّلْطَانِ. وَأَجَازَ عُثْمَانُ الْخُلْعَ دُونَ عِقَاصِ رَأْسِهَا. وَقَالَ طَاوُسٌ: ﴿إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ﴾ فِيمَا افْتَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِي الْعِشْرَةِ وَالصُّحْبَةِ، وَلَمْ يَقُلْ قَوْلَ السُّفَهَاءِ لَا يَحِلُّ حَتَّى تَقُولَ: لَا أَغْتَسِلُ لَكَ مِنْ جَنَابَةٍ.

(باب الخلع) بضم الخاء المعجمة وسكون اللام مأخوذ من الخلع بفتح الخاء وهو النزع سمي به لأن كلاًّ من الزوجين لباس الآخر في المعنى. قال تعالى: ﴿هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهن﴾ [البقرة: ١٨٧] فكأنه بمفارقة الآخر نزع لباسه وضم مصدره تفرقة بين الحسي والمعنويّ. (وكيف الطلاق فيه) أي حكمه هل يقع بمجرده أو بذكر الطلاق باللفظ أو بالنية خلاف وتعريف الخلع فراق زوج يصح طلاقه لزوجته بعوض يحصل لجهة الزوج بلفظ طلاق وخلع والمراد ما يشملهما وغيرهما من ألفاظ الطلاق والخلع صريحًا وكناية كالفراق والإبانة والمفاداة وخرج بجهة الزوج تعليق طلاقها بالبراءة عما لها على غيره فيقع الطلاق في ذلك رجعيًّا فإن وقع بلفظ الخلع ولم ينوِ به طلاقًا فالأظهر أنه طلاق ينقص العدد، وكذا إن وقع بلفظ الطلاق مقرونًا بالنية، وقد نص في الإملاء أنه من صرائح الطلاق، وفي قول إنه فسخ وليس بطلاق لأنه فراق حصل بمعاوضة فأشبه ما لو اشترى زوجته، ونص عليه في القديم وصح عن ابن عباس فيما أخرجه عبد الرزاق وهو مشهور مذهب الإمام أحمد لحديث الدارقطني عن طاوس عن ابن عباس الخلع فرقة وليس بطلاق أما إذا نوى به الطلاق فهو طلاق قطعًا عملًا بنيته فإن لم ينوِ به طلاقًا لا تقع به فرقة أصلًا كما نص عليه في الأم وقوّاه السبكي، فإن وقع الخلع بمسمى صحيح لزم أو بمسمى فاسد كخمر وجب مهر المثل.

(وقول الله تعالى): بالجر عطفًا على الخلع المضاف إليه الباب ولأبي ذر: وقوله ﷿: (﴿ولا يحل لكم﴾) أيها الأزواج أو الحكام لأنهم الآمرون بالأخذ والإيتاء عند الترافع إليهم فكأنهم الآخذون والمؤتون (﴿أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا﴾) مما أعطيتموهن من المهور (﴿إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله﴾) [البقرة: ٢٢٩] أي إلا أن يعلم الزوجان ترك إقامة حدود الله فيما يلزمهما من مواجب الزوجية لما يحدث من نشوز المرأة وسوء خلقها وسياق الآية إلى حدود الله لأبي ذر ولغيره إلى قوله شيئًا ثم قال: إلى قوله: ﴿الظالمون﴾ [البقرة: ٢٢٩] وتمام المراد من الآية في قوله: ﴿فلا جناح عليهما فيما افتدت به﴾ [البقرة: ٢٢٩] أي لا جناح على الرجل فيما أخذ ولا عليها فيما افتدت به نفسها واختلعت من بذل ما أوتيت من المهر وفيه مشروعية الخلع وقد أجمع عليه العلماء خلافًا لبكر بن عبد الله المزني التابعي، فإنه قال بعدم حل أخذ شيء من الزوجة

<<  <  ج: ص:  >  >>