لا فضل ولا كمال في صوم التطوّع (فوق صوم داود ﵇: وفيه ما مر من كونه أفضل من صوم الدهر أو الخطاب خاص بعبد الله ويلحق به من في معناه ممن يضعفه عن الفرائض والحقوق (شطر الدهر)، أي: نصفه وهو بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي هو شطر الدهر والجر بدل من قوله صوم داود، وهذان الوجهان رواية أبي ذر كما في الفرع ولغيره شطر بالنصب على أنه مفعول فعل مقدّر أي هاك أو خذ أو نحو ذلك (صم يومًا وأفطر يومًا) وفي رواية عمر بن عون: صيام يوم وإفطار يوم ويجوز فيه الأوجه الثلاثة السابقة.
(باب صيام أيام) الليالي (البيض): وسقط لأبي الوقت وابن عساكر لفظ أيام وفي الفتح أنه رواية الأكثر وإثبات أيام رواية الكشميهني والأول هو الذي في الفرع والبيض صفة لمحذوف وهو الليالي وسميت بذلك لأنها مقمرة لا ظلمة فيها وهي (ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة) ليلة البدر وما قبلها وما بعدها يكون القمر فيها من أول الليل إلى آخره، ولأبي ذر عن الكشميهني: ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر وهذا باعتبار الأيام والأول باعتبار الليالي ولا يقال البيض صفة للأيام كما لا يخفى.
وأما قوله في الفتح: إن اليوم الكامل هو النهار بليلته وليس في الشهر يوم أبيض كله إلا هذه الأيام لأن ليلها أبيض ونهارها أبيض فصح قوله الأيام البيض على الوصف فتعقبه في عمدة القاري بأن قوله أن اليوم الكامل هو النهار بليلته غير صحيح لأن اليوم الكامل في اللغة من طلوع الشمس إلى غروبها وفي الشرع من طلوع الفجر الصادق وليس لليلة دخل في حد النهار، وأما قوله ونهارها أبيض فيقتضي أن بياض نهار أيام البيض من بياض الليلة وليس كذلك لأن صيام الأيام كلها بالذات وأيام الشهر كلها بيض فسقط قوله وليس في الشهر يوم أبيض كله إلا هذه الأيام اهـ.
وهذا الذي قاله في الفتح سبقه إليه ابن المنير فقال: وأنكر بعض اللغوين أن يقال الأيام البيض وقال: إنما هي الليالي البيض وإلاّ فالأيام كلها بيض وهذا وهم منه، والحديث يرد عليه أي ما ذكره ابن بطال عن شعبة عن أنس بن سيرين عن عبد الملك بن المنهال عن أبيه قال أمرني النبي ﷺ بالأيام البيض وقال هو صوم الدهر. قال: واليوم اسم يدخل فيه الليل والنهار وما كل يوم أبيض بجملته إلا هذه الأيام فإن نهارها أبيض وليلها أبيض فصارت كلها بيضًا وأظنه سبق إلى وهمه أن اليوم هو النهار خاصة اهـ.
قال في المصابيح: الظاهر أن مثل هذا ليس بوهم فإن اليوم وإن كان عبارة عن الليل والنهار جميعًا لكنه بالنسبة إلى الصوم إنما هو النهار خاصة وعليه فكل يوم يصام هو أبيض لعموم الضوء فيه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس اهـ.