وأجيب: بأن ذلك بالنسبة إلى من عجز عن الإيمان بالموت قبل ظهور دين آخر، وهذا بالنسبة إلى من أدرك دين الإسلام ولم يؤمن به والظاهر أنهما قضيتان، وقد قال ابن رشيد ما حاصله: إن حديث ابن عمر سيق مثالاً لأهل الأعذار لقوله فعجزوا فأشار إلى أن من عجز عن استيفاء العمل من غير أن يكون له صنيع في ذلك أن الأجر يحصل له تامًّا بفضل الله قال: وذكر حديث أبي موسى مثالاً لمن أخّر لغير عذر وإلى ذلك الإشارة بقوله عنهم لا حاجة لنا إلى أجرك فأشار بذلك إلى أن من أخّر عامدًا لا يحصل له ما حصل لأهل الأعذار انتهى.
ووقع في رواية سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه الماضية في باب من أدرك ركعة من العصر الآتية إن شاء الله تعالى في التوحيد ما يوافق رواية أبي موسى ولفظها: فعملوا حتى إذا انتصف النهار عجزوا فأعطوا قيراطًا قيراطًا، وقال في أهل الإنجيل؛ فعملوا إلى صلاة العصر ثم عجزوا فأعطوا قيراطًا قيراطًا فهو يدل على أن مبلغ الأجرة لليهود لعمل النهار كله قيراطان، وأجر النصارى للنصف الباقي قيراطان فلما عجزوا عن العمل قبل تمامه لم يصيبوا إلا قدر عملهم وهو قيراط.
(واستأجر) بالواو ولأبي ذر: فاستأجر بالفاء (قومًا) هم المسلمون (أن يعملوا له بقية يومهم فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس واستكملوا أجر الفريقين) اليهود والنصارى (كليهما) بإيمانهم بالأنبياء الثلاثة محمد وموسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم وحكى السفاقسي أن في روايته كلاهما بالألف وهو على لغة من يجعل المثنى في الأحوال الثلاثة بالألف (فذلك مثلهم) أي المسلمين (ومثل ما قبلوا من هذا النور) المحمدي وللإسماعيلي فذلك مثل المسلمين الذين قبلوا هدى الله وما جاء به رسوله ومثل اليهود والنصارى تركوا ما أمرهم الله به، واستدلّ به على أن بقاء هذه الأمة يزيد على الألف لأنه يقتضي أن مدة اليهود نظير مدتي النصارى والمسلمين، وقد اتفق أهل النقل على أن مدة اليهود إلى البعثة المحمدية كانت أكثر من ألفي سنة ومدة النصارى من ذلك ستمائة سنة وقيل أقل فتكون مدة المسلمين أكثر من ألف سنة قطعًا قاله في الفتح.
(باب من استأجر أجيرًا فترك أجره) وللكشميهني فترك الأجير أجره (فعمل فيه المستأجر) بالتجارة والزراعة (فزاد) فيه أي ربح (أو من) وفي بعض النسخ ومن (عمل في مال غيره فاستفضل) بالضاد المعجمة أي أفضل وليست السين للطلب وهو من باب عطف العام على الخاص.