وتشديد الراء مكسورة وفي نسخة يدرسها بفتح أوله وسكون الدال وضم الراء مخففة (كفه على آية الرجم فطفق) بكسر الفاء أي فجعل (يقرأ) من التوراة (ما دون يده) أي قبلها (وما وراءها ولا يقرأ آية الرجم فنزع) عبد الله بن سلام (يده عن آية الرجم فقال: ما هذه؟ فلما رأوا ذلك) أي اليهود (قالوا): ولأبي ذر عن الكشميهني فلما رأى ذلك أي المدراس قال: (هي آية الرجم فأمر بهما)ﷺ(فرجما) بحكم شرعه (قريبًا من حيث موضع الجنائز) برفع موضع في الفرع كأصله وغيرهما لأن حيث لا تضاف إلى ما بعدها إلا أن يكون جملة (عند المسجد).
وفي هذه القصة من حديث جابر عند أبي داود في سننه: أنه شهد عنده ﷺ أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة. قال النووي: فإن صح هذا فإن كان الشهود مسلمين فظاهر، وإن كانوا كفارًا فلا اعتبار بشهادتهم ويتعين أنهما أقرّا بالزنا، فلذا حكم ﵊ برجمهما.
(قال) أي ابن عمر (فرأيت صاحبها) أي صاحب المرأة الذي زنى بها (يجنأ) بفتح أوله وسكون الجيم وبعد النون المفتوحة همزة مضمومة أي أكب، ولأبي ذر عن الكشميهني يحني بفتح حرف المضارعة وسكون الحاء المهملة وكسر النون بعدها تحتية أي يميل وينعطف (عليها) حال كونه (يقيها الحجارة).
وفي هذا الحديث من الفوائد وجوب حدّ الزنا على الكافر، وبه قال الشافعي وأحمد وأبو حنيفة والجمهور خلافًا لمالك حيث قال: لا حدّ عليه وأنه ليس من شرط الإحصان المقتضي للرجم الإسلام وهو مذهب الشافعي وأحمد خلافًا لمالك وأبي حنيفة حيث قالا: لا يرجم الذمي لأن من شرط الإحصان الإسلام وأن أنكحة الكفار صحيحة وإلاّ لما ثبت إحصانهم وأنهم مخاطبون بالفروع خلافًا للحنفية.
وهذا الحديث قد سبق مختصرًا في الجنائز ويأتي إن شاء الله في الحدود.
٧ - باب ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: (﴿كنتم خير أمة أُخرجت للناس﴾)[آل عمران: ١١٠]. قيل كان ناقصة على بابها فتصلح للانقطاع نحو: كان زيد قائمًا، وللدوام نحو: ﴿وكان الله غفورًا رحيمًا﴾ فهي بمنزلة لم يزل وهذا بحسب القرائن فقوله: ﴿كنتم خير أمة﴾ لا يدل على أنهم لم يكونوا خيرًا فصاروا خيرًا أو انقطع ذلك عنهم، وقال في الكشاف: كان عبارة عن وجود الشيء في زمان ماض على سبيل الإِبهام وليس فيه دليل على عدم سابق ولا على انقطاع طارئ ومنه قوله تعالى: ﴿وكان الله غفورًا رحيمًا﴾ و ﴿كنتم خير أمة﴾ كأنه قيل وجدتم خير أمة. قال أبو حبان: قوله لم يدل على عدم سابق هذا إذا لم تكن بمعنى صار فإذا كانت بمعنى صار دلت على عدم سابق.