البَيِّنَاتِ)، وفي رواية "مَا أَنْزَلْنَا" الآية أي التي في سورة البقرة إلى قوله: ﴿ويلعنهم اللاعنون﴾ كما في مسلم. وهذه الآية وإن كانت في أهل الكتاب فهي تحثّ على التبليغ، ومن ثم استدلّ بها في هذا المقام لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب على ما عرف في محله، ثم إن ظاهر الحديث يقتضي أن المغفرة لا تحصل بما ذكر من إحسان الوضوء بل حتى تنضاف إليه الصلاة.
قال ابن دقيق العيد: الثواب الموعود به يترتب على مجموع الوضوء على النحو المذكور، وصلاة الركعتين بعده به والمترتب على مجموع أمرين لا يترتب على أحدهما إلا بدليل خارج، وقد أدخل قوم هذا الحديث في فضل الوضوء وعليهم في ذلك هذا السؤال. ويجاب بأن كون الشيء جزءًا فيما يترتب عليه الثواب العظيم كافٍ في كونه ذا فضل فيحصل المقصود من كون الحديث دليلاً على فضيلة الوضوء، ويظهر بذلك الفرق بين حصول الثواب المخصوص وحصول مطلق الثواب، فالثواب المخصوص يترتب على مجموع الوضوء على النحو المذكور والصلاة الموصوفة، وفضيلة الوضوء قد تحصل بما دون ذلك انتهى.
وفي حديث أبي هريرة ﵁ الصحيح "إذا توضأ العبد خرجت خطاياه" الحديث.
وفيه أن الخطايا تخرج مع آخر الوضوء حتى يفرغ من الوضوء نقيًّا من الذنوب وليس فيه ذكر الصلاة. وأجيب: بأن يحمل حديث أبي هريرة عليها لكن يبعده أن في رواية لمسلم من حديث عثمان ﵁ وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة. وأجيب باحتمال أن يكون ذلك باختلاف الأشخاص، فربَّ متوضئ يحضره من الخشوع ما يستقل وضوءه بالتفكير وآخر عند تمام الصلاة، والله تعالى أعلم.
(باب الاستنثار في الوضوء) وهو دفع الماء الذي يستنشقه المتوضئ أي يجذبه بريح أنفه لتنظيف ما في داخله فيخرجه بريح أنفه سواء كان بإعانة يده أم لا (ذكره) أي الاستنثار (عثمان) بن عفان ﵁ فيما رواه المؤلف موصولاً في باب مسح الرأس كله كما تقدم، (وعبد الله بن زيد) فيما وصله المؤلف فيما سيأتي إن شاء الله تعالى، (وابن عباس ﵃ عن النبي ﷺ)، وفي رواية ابن عساكر والأصيلي وعبد الله بن عباس وتقدم حديثه موصولاً عند المؤلف، في باب غسل الوجه من غرفة، لكن ليس فيه ذكر الاستنثار، قال في الفتح: كأن المصنف أشار بذلك إلى ما رواه أحمد وأبو داود والحاكم من حديثه موقوفًا استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثًا.