وبه قال:(حدّثنا أبو اليمان الحكم بن نافع) البهراني بفتح الموحدة الحمصي وسقط أبو اليمان للأصيلي (قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة بالحاء المهملة والزاي الأموي واسم أبي حمزة دينار الحمصي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (قال: أخبرني) بالإفراد (أبو سلمة) عبد الله أو إسماعيل (بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري المدني، وعند المؤلّف في بدء الخلق من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري فقال عن سعيد بن السيب بدل أبي سلمة وهو غير قادح، لأن الراجح أنه عنده عنهما معًا فكان يحدث به تارة عن هذا وتارة عن هذا.
(أنه سمع حسان بن ثابت) أي ابن المنذر بن حرام بفتح المهملة والراء (الأنصاري) الخزرجي شاعر رسول الله ﷺ حال كونه (يستشهد أبا هريرة) أي يطلب منه الشهادة أي الإخبار فأطلق عليه الشهادة مبالغة في تقوية الخبر (أنشدك الله) بفتح الهمزة وضم الشين والجلالة الشريفة نصب أي سألتك بالله (هل سمعت النبي ﷺ يقول يا حسان أجب) دافعًا وليس من إجابة السؤال أو المعنى أجب الكفّار (عن رسول الله ﷺ) إذ هجوه. وأصحابه، وفي رواية سعيد بن المسيب أجب عني فعبر عنه بما هنا تعظيمًا أو أنه ﵊ قال ذلك كذلك تربية للمهابة وتقوية لداعي المأمور كما في قوله الخليفة رسم بكذا بدل أنا رسمت (اللهمّ أيّده) أي قوّه (بروح القدس) جبريل صلوات الله وسلامه عليه. (قال أبو هريرة)﵁: (نعم) سمعته يقول ذلك:
فإن قلت: ليس في حديث الباب أن حسانًا أنشد شعرًا في المسجد بحضرته ﵊، وحينئذٍ فلا تطابق بينه وبين الترجمة. أجيب: بأن غرض المؤلّف تشحيذ الأذهان بالإشارات، ووجه ذلك هنا أن هذه المقالة منه ﷺ دالّة على أن للشعر حقًّا يتأهل صاحبه لأن يؤيد في النطق به بجبريل صلوات الله عليه وسلامه، وما هذا شأنه يجوز قوله في المسجد قطعًا، والذي يحرم إنشاده فيه ما كان من الباطل المنافي لما اتخذت له المساجد من الحق أو أن روايته في بدء الخلق تدلّ على أن قوله ﵊ لحسان أجب عني كان في المسجد، وأنه أنشد فيه ما أجاب به المشركين، ولفظة: مرّ عمر ﵁ في المسجد وحسان ينشد فزجره فقال: كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك ثم التفت إلى أبي هريرة فقال: أنشدك الله الحديث.