(يا أبا موسى لقد أُوتيت مزمارًا من مزامير آل داود) أي في حسن الصوت كقراءة داود نفسه لأنه لم يذكر أن أحدًا من آل داود أُعطي من حسن الصوت ما أعطي داود فآل مقحمة والمزامير جمع مزمار بكسر الميم الآلة المعروفة أطلق اسمها على الصوت للمشابهة وقد كان داود ﵇ فيما رواه ابن عباس يقرأ الزبور بسبعين لحنًا ويقرأ قراءة يطرب منها المحموم وإذا أراد أن يبكي نفسه لم تبق دابة في بر ولا بحر إلا أنصتت له واستمعت وبكت.
وقد أورد المؤلّف حديث الباب مختصرًا، وأورده مسلم من طريق طلحة بن يحيى عن أبي بردة بلفظ لو رأيتني وأنا أسمع قراءتك البارحة الحديث وزاد أبو يعلى من طريق سعيد بن أبي بردة عن أبيه فقال: أما إني لو علمت بمكانتك لحبّرته لك تحبيرًا وللروياني من طريق مالك بن مغول عن عبد الله بن مغول عن عبد الله بن بريدة عن أبيه لو علمت أن رسول الله ﷺ يستمع قراءتي لحبّرتها تحبيرًا أي حسنتها وزينتها بصوتي تزيينًا، وهذا يدل على أن أبا موسى كان يستطيع أن يتلو أشجى من المزامير عند المبالغة في التحبير لأنه قد تلا مثلها وما بلغ حدّ استطاعته وأخرج ابن أبي داود بسند صحيح من طريق أبي عثمان النهدي قال: دخلت دار أبي موسى الأشعري فما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا ناي أحسن من صوته والصنج بفتح الصاد المهملة وبعد النون الساكنة جيم آلة تتخذ من نحاس كالطبقين يضرب بأحدهما على الآخر، والبربط بموحدتين بينهما راء ساكنة آخره طاء مهملة بوزن جعفر فارسي معرب آلة كالعود والناي بنون بغير همز المزمار.
وحديث الباب أخرجه الترمذي أيضًا.
٣٢ - باب مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ الْقُرْآنَ مِنْ غَيْرِهِ
(باب من أحب أن يستمع القرآن من غيره) وللكشميهني كما في الفتح القراءة بدل القرآن.
وبه قال:(حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) قال: (حدّثنا أبي عن الأعمش) سليمان بن مهران أنه (قال: حدّثني) بالإفراد (إبراهيم) النخعي (عن عببدة) بفتح العين وكسر الموحدة السلماني (عن عبد الله) يعني ابن مسعود (﵁) أنه (قال: قال لي النبي ﷺ):
(اقرأ عليّ القرآن) أي بعضه (قلت: آقرأ عليك) بمدّ الهمزة للاستفهام القرآن (وعليك أُنزل) بضم الهمزة (قال)﵊: (إني أحب أن أسمعه من غيري) لأن المستمع أقوى على التدبر ونفسه أخلى وأنشط لذلك من القارئ لاشتغاله بالقراءة وأحكامها.
وهذا الحديث ساقه هنا مختصرًا وفي الباب التالي مطوّلًا وهو.