المعنيين فلا يختص بصاحب الجنازة (قالوا: يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه)؟ وفي رواية الدارقطني إعادة ما (قال)ﷺ: (للعبد المؤمن) التقي خاصة أو كل مؤمن (يستريح من نصب الدنيا) تعبها ومشقتها (وأذاها) ذاهبًا (إلى رحمة الله)﷿. قال مسروق: ما غبطت شيئًا لشيء كمؤمن في لحده أمن من عذاب الله، واستراح من الدنيا وعطف الأذى من عطف العام على الخاص (والعبد الفاجر) الكافر أو العاصي (يستريح منه العباد) لما يأتي به من المنكر لأنهم إن أنكروا عليه آذاهم وإن تركوه أثموا أو لما يقع لهم من ظلمه (والبلاد) بما يأتي به من المعاصي فإنه يحصل به الجدب فيقتضي هلاك الحرث والنسل أو لما يقع له من غصبها ومنعها من حقها (والشجر) لقلعه إياها غصبًا أو غصب ثمرها، وفي شرح المشكاة: وأما استراحة البلاد والأشجار فإن الله تعالى بفقده يرسل السماء عليكم مدرارًا ويحيي به الأرض والشجر والدواب بعدما حبس بشؤم ذنوبه الأمطار، لكن إسناد الراحة إليها مجاز إذ الراحة إنما هي لمالكها (والدواب) لاستعماله لها فوق طاقتها وتقصيره في علفها وسقيها.
وبه قال:(حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن عبد ربه بن سعيد) الأنصاري (عن محمد بن عمرو بن حلحلة) أنه قال: (حدثني) بالإفراد (ابن كعب) هو معبد بن كعب بن مالك (عن أبي قتادة) الحارث بن ربعي (عن النبي ﷺ) أنه (قال) لما مُرّ عليه بجنازة:
(مستريح ومستراح منه المؤمن يستريح) أي من نصب الدنيا كما مرّ، وقد أورده مختصرًا لم يذكر السؤال والجواب. فإن قلت: ما وجه مناسبة هذا الحديث وسابقه للترجمة؟ أجيب: بأن الميت لا يعدو أحد القسمين إما مستريح أو مستراح منه وكل منهما يجوز أن يشدد عليه عند الموت وأن يخفف، والأول هو الذي يحصل له سكرات الموت ولا يتعلق ذلك بتقواه ولا فجوره، بل إن كان متقيًا ازداد ثوابًا وإلاّ فيكفر عنه بقدر ذلك ثم يستريح من أذى الدنيا الذي هو خاتمته.
[(تنبيه)]
وقع هنا في رواية أبي ذر عن شيوخه الثلاثة الحموي والمستملي والكشميهني يحيى وهو ابن سعيد عن عبد ربه بن سعيد، وفي مسلم عن يحيى بن عبد الله بن سعيد بن أبي هند قال الغساني: عبد ربه بن سعيد وهم، والصواب المحفوظ عبد الله، وكذا رواه ابن السكن عن الفربري فقال في روايته: عبد الله بن سعيد هو ابن أبي هند، والحديث محفوظ له لا لعبد ربه قال