قال في الفتح: وليس بشيء لأنه سيأتي، إن شاء الله تعالى في الحج، بلفظ: في ثوبيه.
وللنسائي، من طريق يونس بن نافع، عن عمرو بن دينار: في ثوبيه اللذين أحرم فيهما، وإنما لم يزده ثالثًا، تكرمة له كما في الشهيد، حيث قال: زملوهم بدمائهم.
وقال النووي في المجموع لأنه لم يكن له مال غيرهما.
(ولا تحنطوه) بتشديد النون المكسورة أي: لا تجعلوا في شيء من غسلاته، أو: في كفنه حنوطًا (ولا تخمروا) بالخاء المعجمة، أي: لا تغطوا (رأسه) بل أبقوا له أثر إحرامه من منع ستر رأسه، إن كان رجلاً، ووجهه وكفيه إن كان امرأة، ومن منع المخيط وأخذ ظفره وشعره (فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا) أي: بصفة الملبين بنسكه الذي مات فيه من حج أو عمرة، أو هما قائلاً: لبيك اللهم لبيك.
قال ابن دقيق العيد: فيه دليل على أن المحرم إذا مات يبقى في حقه حكم الإحرام، وهو مذهب الشافعي ﵀.
وخالف في ذلك مالك وأبو حنيفة، رحمهما الله تعالى، وهو مقتضى القياس لانقطاع العبادة
بزوال محل التكليف، وهو الحياة.
لكن اتبع الشافعي الحديث، وهو مقدم على القياس، وغاية ما اعتذر به عن الحديث، ما قيل: إن النبي ﷺ علل هذا الحكم في هذا الإحرام بعلة لا يعلم وجودها في غيره، وهو أنه: يبعث يوم القيامة ملبيًا. وهذا الأمر لا يعلم وجوده في غير هذا المحرم لغير النبي، ﷺ، والحكم إنما يعم في غير محل النص بعموم علته، أو غيرها: ولا يرى أن هذه العلة إنما ثبتت لأجل الإحرام، فتعم كل محرم. اهـ.
٢١ - باب الْحَنُوطِ لِلْمَيِّتِ
(باب الحنوط للميت) بفتح الحاء وضم النون، ويقال: الحناط بالكسر.
قال الأزهري: ويدخل فيه الكافور، وذريرة القصب، والصندل الأحمر، والأبيض.
وقال غيره: الحنوط ما يخلط من الطيب للموتى خاصة، ولا يقال، لطيب الأحياء: حنوط.
١٢٦٦ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: "بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَأَقْصَعَتْهُ -أَوْ قَالَ: فَأَقْعَصَتْهُ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا".