وبه قال:(حدّثنا يحيى بن يحيى) التيمي قال: (أخبرنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن منصور عن شقيق عن مسروق عن عائشة ﵂ عن النبي قال):
(إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها) حال كونها (غير مفسدة فلها أجرها) أي الصدقة (وللزوج) أجره (بما اكتسب وللخازن مثل ذلك) الأجر بالشرط المذكور في حديث أبي موسى السابق قريبًا. وظاهره يعطي التساوي المذكورين في الأجر، ويحتمل أن يكون المراد بالمثل حصول الأجر في الجملة وإن كان أجر الكاسب أوفر لكن يعكر عليه حديث أبي هريرة بلفظ: فلها نصف أجره إذ هو يشعر بالتساوي، وهذا الحديث أورده المؤلّف من ثلاثة طرق عن عائشة كلها تدور على شقيق عن مسروق عنها وفي كل زيادة فائدة ليست في الآخر كما تراه، فلفظ الأعمش: إذا أطعمت من بيت زوجها، ولفظ منصور: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها فالله تعالى يرحم المؤلّف ما أكثر فرائد فوائده ولله دره ما أحلى مكرره.
(باب قول الله تعالى: (﴿فأما من أعطى﴾) ماله لوجه الله (﴿واتقى﴾) محارمه (﴿وصدق بالحسنى﴾) أي بالمجازاة وأيقن أن الله سيخلفه أو بالكلمة الحسنى وهي كلمة التوحيد أو الجنة (﴿فسنيسره﴾) سنهيئه في الدنيا (﴿لليسرى﴾) للخلة التي توصله إلى اليسر والراحة في الآخرة يعني للأعمال الصالحة المسببة لدخول الجنة (﴿وأما من بخل﴾) بما أمر به من الإنفاق في الخيرات (﴿واستغنى﴾) بالدنيا عن العقبى (﴿وكذب بالحسنى، فسنيسره﴾) في الدنيا (﴿للعسرى﴾)[الليل: الآيات ٥ - ١٠] للخلة المؤدّية إلى الشدة في الآخرة وهي الأعمال السيئة المسببة لدخول النار (اللهم أعط منفق مال خلفًا) بجر مال على الإضافة. ولأبي الوقت من غير اليونينية. منفقًا مالاً خلفًا بنصب مالاً مفعول منفق بدليل رواية الإضافة إذ لولاها لاحتمل أن يكون مفعول أعط والأوّل أولى من جهة أخرى وهي أن سياق الحديث للحض على إنفاق المال فناسب أن يكون مفعول منفق، وأما الخلف فإبهامه أولى ليتناول المال
والثواب فكم من منفق مال قل أن يقع له الخلف المالي فيكون خلفه الثواب المعدّ له في الآخرة أو يدفع عنه من السوء ما يقابل ذلك قاله في فتح الباري وهمزة أعط قطع والجملة عطف على قول الله بحذف حرف العطف ذكره على سبيل البيان للحسنى، فكأنه يشير إلى أن قول الله تعالى مبين بالحديث يعني تيسير اليسرى له إعطاء الخلف له قاله الكرماني.