١٤ - باب لَا يُتَقَدَّمُ رَمَضَانُ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ
هذا (باب) بالتنوين وبغيره (لا يتقدّمن) بنون التوكيد الثقيلة ويجوز تخيفها ولأبي ذر وابن عساكر: لا يتقدم أي الكلف (رمضان) وقال الحافظ ابن حجر: لا يتقدم بضم أوله وفتح ثانيه يعني مبنيًّا للمفعول رمضان رفع نائب عن الفاعل ثم قال: ويجوز فتحهما أي أوّل يتقدم وثانيه ولم يعزه لأحد (بصوم يوم ولا) ولابن عساكر: أو (يومين) بعدّ منه بقصد الاحتياط له فإن صومه مرتبط بالرؤية فلا حاجة إلى التكلف.
وبالسند قال (حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي البصري قال: (حدثنا هشام) الدستوائي قال: (حدّثنا يحيى بن أبي كثير) اليمامي أحد الثقات الأثبات إلا أنه كان كثير الإرسال والتدليس رأى أنسًا ولم يسمع منه واحتج به الأئمة (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني (عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال):
(لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين) أي بنية الرمضانية احتياطًا ولكراهة التقدم معان.
أحدها: خوفًا من أن يزاد في رمضان ما ليس منه كما نهي عن صيام يوم العيد لذلك حذرا مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم فزادوا فيه بآرائهم وأهوائهم وخرّج الطبراني عن عائشة أن ناسًا كانوا يتقدمون الشهر فيصومون قبل النبي ﷺ فأنزل الله تعالى: ﴿يأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله﴾ [الحجرات: ١] ولهذا نهي عن صوم يوم الشك.
والمعنى الثاني: الفصل بين صيام الفرض والنفل فإن جنس الفصل بين الفرائض والنوافل مشروع، ولذا حرم صيام يوم العيد ونهى رسول الله ﷺ أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى يفصل بينهما بسلام أو كلام خصوصًا سنة الفجر، وفي المسند أنه ﷺ فعله وهذا فيه نظر لأنه يجوز لمن له عادة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
والمعنى الثالث: أنه للتقوّي على صيام رمضان فإن مواصلة الصيام تضعف عن صيام الفرض، فإذا حصل الفطر قبله بيوم أو يومين كان أقرب إلى التقوى على صيام رمضان فيه نظر لأن معنى الحديث أنه لو تقدمه بصيام ثلاثة أيام فصاعدًا جاز.
المعنى الرابع: أن الحكم علق بالرؤية فمن تقدمه بيوم أو يومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم (إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه) المعتاد من ورد كأن اعتاد صوم الدهر أو صوم يوم