الوجوب كذا عند الجمهور، لكن قال الشافعية: لا يجب تعريفها بعد الأكل إذا وجدت في الفلاة وأما في القرية فيجب على الأصح.
(ثم قال) السائل يا رسول الله (كيف ترى في ضالة الأبل؟ قال) زيد (فقال)﵊: (دعها فإن معها حذاءها) بكسر الحاء المهملة وبالذال المعجمة أي خفها (وسقاءها) بكسر السين جوفها أو عنقها (ترد الماء وتأكل الشجر) فهي مستغنية عن الحفظ لها بما ركب في طباعها من الجلادة على العطش وتناول المأكول لطول عنقها ومصونة بالامتناع عن أكثر السباع (حتى يجدها ربها) أي مالكها فمن أخذها للتملك ضمنها ولا يبرأ من الضمان بردّها إلى موضعها كما مرّ.
هذا (باب) بالتنوين (إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة) أي بعد التعريف سنة (فهي لمن وجدها) اكتفاء بقصده عند الأخذ للتملك وهذا أحد الوجوه الثلاثة عند الشافعية، وقيل يملكها بمضي الحول والتصرف والأظهر التملك باللفظ كما مر وسواء كان المتملك غنيًّا أو فقيرًا وخصّها الحنفية بالفقير دون الغني لأن تناول مال الغير بغير إذنه غير جائز بلا ضرورة بإطلاق النصوص.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) هو ابن أنس الإمام (عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) المشهور بالرأي المدني واسم أبيه فروخ (عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد) الجهني (﵁) أنه (قال: جاء رجل) أي أعرابي كما في السابقة، أو هو بلال كما قال ابن بشكوال، أو سويد والد عقبة كما رجحه ابن حجر وقد مرّ (إلى رسول الله ﷺ فسأله عن اللقطة) أي عن حكمها (فقال)﵊:
(اعرف عفاصها) وعاءها الذي هي فيه (ووكاءها) الخيط الذي يشد به رأس الوعاء لتعرف صدق مدعيها عند طلبها (ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها) أي فأدّها إليه (وإلا) بأن لم يجيء صاحبها (فشأنك بها) بالنصب أي الزم شأنك بها والشأن الحال أي تصرف فيها، وسبق في حديث أبي بلفظ فاستمتع بها، ولمسلم من طريق ابن وهب فإن لم يأت لها طالب فاستنفقها. واستدلّ به على أن اللاقط يملكها بعد انقضاء مدة التعريف وهو ظاهر نص الشافعي، لكن المشهور عند الشافعية