الرواية الأخرى التي فيها كنت أجد وبيص الطيب في رأسه ولحيته، وقد اتفق أصحابنا الشافعية على أنه لا يستحب تطييب الثياب عند إرادة الإحرام، وشذا المتولي فحكى قولاً باستحبابه. نعم في جوازه خلاف والأصح الجواز، فلو نزعه ثم لبسه ففي وجوب الفدية وجهان. صحح البغوي وغيره الوجوب (ولحلِّه) أي تحلله من محظورات الإحرام بعد أن يرمي ويحلق (قبل أن يطوف بالبيت) طواف الإفاضة واستفيد من قولها كنت أطيب إن كان لا تقتضي التكرار لأن ذلك لم يقع منها إلا مرة واحدة في حجة الوداع، وعورض بأن المدعي تكراره هنا إنما هو التطيب لا الإحرام ولا مانع من أن يتكرر التطيب للإحرام مع كون الإحرام مرة واحدة ولا يخفى ما فيه، واستفيد أيضًا استحباب التطيب عند الإحرام وجواز استدامته بعد الإحرام وأنه لا يضر بقاء لونه ورائحته وإنما يحرم ابتداؤه في الإحرام وهو قول الجمهور، وعن مالك يحرم لكن لا فدية. وقال محمد بن الحسن: يكره أن
يتطيب قبل الإحرام بما تبقى عينه بعده واستحباب التطيب أيضًا بعد التحلل الأول قبل الطواف.
١٩ - باب مَنْ أَهَلَّ مُلَبِّدًا
(باب من أهل) حال كونه (ملبدًا) شعر رأسه بضم الميم وفتح اللام وتشديد الموحدة مفتوحة ومكسورة في الفرع وأصله.
وبالسند قال:(حدّثنا أصبغ) بفتح الهمزة وسكون الصاد المهملة وفتح الموحدة آخره غين معجمة ابن الفرج قال: (أخبرنا ابن وهب) عبد الله (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (عن سالم عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب (﵁ قال:)
(سمعت رسول الله يهل) أي يرفع صوته بالتلبية حال كونه: (ملبدًا) شعر رأسه بنحو الصمغ لينضم الشعر ويلتصق بعضه ببعض احترازًا عن تمعطه وتقمله، وإنما يفعل ذلك من يطول مكثه في الإحرام، واستفيد منه استحباب التلبيد وقد نص عليه الشافعي.
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في اللباس، وكذا مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
٢٠ - باب الإِهْلَالِ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ
(باب الأهلال عند مسجد ذي الحليفة) لمن أراد النسك من المدينة.