وبه قال:(حدّثني) بالإفراد (محمد) هو ابن سلام قال: (أخبرنا عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة وبعد الدال المفتوحة هاء تأنيث ابن سليمان (عن عبيد الله) بضم العين مصغرًا وهو العمري ولغير أبي ذر عبد الله بفتح العين (عن سعيد بن أبي سعيد) كيسان المقبري (عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه) أنه (قال: سئل رسول الله ﷺ أي الناس أكرم؟ قال):
(أكرمهم عند الله أتقاهم) قال تعالى: ﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ [الحجرات: ١٣](قالوا ليس عن هذا نسألك؟ قال: فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله) فضيلة خاصة بيوسف ﵊ لم يشركه فيها أحد ولا يلزم من ذلك أن يكون أفضل من غيره مطلقًا (قالوا: ليس عن هذا نسألك قال: فعن معادن العرب) أي عن أصول العرب التي ينسبون إليها ويتفاخرون بها (تسألوني) ولأبي ذر: تسألونني بنونين (قالوا: نعم) وإنما جعل الأنساب معادن لما فيها من الاستعدادات المتفاوتة فمنها قابلة لفيض الله تعالى على مراتب المعدنيات ومنها غير قابلة له وشبههم بالمعادن لأنها أوعية للعلوم كما أن المعادن أوعية للجواهر (قال: فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا) بضم القاف ولأبي ذر فقهوا بكسرها فالوضيع العالم خير من الشريف الجاهل، ولذا قيد بقوله إذا فقهوا (تابعه) أي تابع عبدة (أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن عبيد الله) بضم العين العمري وهذه المتابعة وصلها المؤلّف في أحاديث الأنبياء.
(باب قوله) تعالى: (﴿قال﴾) أي يعقوب لبنيه (﴿بل سوّلت﴾) قبل هذه الجملة جملة محذوفة تقديرها لم يأكله الذئب بل سوّلت (﴿لكم أنفسكم أمرًا﴾) في شأنه (﴿فصبر جميل﴾)[يوسف: ١٨] مبتدأ حذف خبره أي صبر جميل أمثل بي أو خبر حذف مبتدؤه أي أمري صبر جميل وروي مرفوعًا الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه فمن بث لم يصبر ويدل له ﴿إنما أشكو بثي وحزني إلى الله﴾ [يوسف: ٨٦] ودل قوله جميل على أن الصبر قسمان.
جميل وهو أن يعرف أن منزل ذلك البلاء هو الله تعالى المالك الذي لا اعتراض عليه في تصرفه فيستغرق قلبه في هذا المقام ويكون مانعًا له من الشكاية.
وغير الجميل هو الصبر لسائر الأغراض لا لأجل الرضا بقضاء الله سبحانه وثبت قوله فصبر جميل لأبي ذر وقوله باب ولفظ قوله له عن المستملي وسقط لغيره ﴿سوّلت﴾ (زينت) وسهلت قاله ابن عباس.