(باب قول النبي ﷺ) فيما رواه مسلم من حديث سمرة: (لا يمنعنكم) بنون التوكيد الثقيلة، ولأبي ذر عن الكشميهني: لا يمنعكم بإسقاطها وجزم العين (من سحوركم) بفتح السين اسم ما يتسحر به (أذان بلال).
وبالسند قال (حدّثنا عبيد بن إسماعيل) وكان اسمه عبد الله الهباري القرشي (عن أبي أسامة) حماد بن أسامة (عن عبيد الله) بن عمر العمري (عن نافع عن ابن عُمر، والقاسم بن محمد) أي ابن أبي بكر الصديق المتوفى سنة ست ومائة على الصحيح (عن عائشة ﵂) والقاسم جر عطفًا على نافع لا على ابن عمر لأن عبيد الله رواه عن نافع عن ابن عمر، وعن القاسم عن عائشة. والحاصل أن لعبيد الله فيه شيخين يروي عنهما وهما نافع والقاسم بن محمد (﴿أن بلالاً كان يؤذن﴾) للفجر (بليل)، ليستعد لها بالتطهير وغيره. وقال أبو حنيفة والثوري: للسحور وردّ بأنه إنما أخبر عن عادته في الأذان دائمًا (فقال رسول الله ﷺ):
(كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)، عمرو بن قيس العامري وأم مكتوم اسمها عاتكة بنت عبد الله، وزاد في باب أذان الأعمى كالموطأ وكان أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت أي قاربت الصباح، وقيل على ظاهره من ظهور الصباح والأول أرجح وعليه يحمل قوله هنا (فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) أي حتى يقارب طلوع الفجر، والمعنى في الجميع أن بلالاً كان يؤذن قبل الفجر ثم يتربص بعد للدعاء ونحوه ثم يرقب الفجر، فإذا قارب طلوعًا نزل فأخبر ابن أم مكتوم فيتطهر ويرقى ويشرع في الأذان إذا قارب الصباح حوطة للفجر فأذانه علم على الوقت الذي يمتنع فيه الأكل، ولعل بتمام أذانه يتضح الفجر وتصح الصلاة على التأويل الآخر في أصبحت أصبحت فيكون جمعًا بين الأمرين قاله الأبي وسبق في الباب الذي قبل هذا أن حتي هنا لغاية المد.
(قال القاسم): بن محمد (ولم يكن بين أذانهما) بكسر النون من غير ياء (إلا أن يرقى) بفتح القاف أي يصعد (ذا) ابن أم مكتوم (وينزل) بالنصب عطفًا على يرقي (ذا) بلال ولم يشاهد ذلك القاسم بن محمد، وقول الداودي هذا يدل على أن ابن أم مكتوم كان يراعي قرب طلوع الفجر أو طلوعه لأنه لم يكن يكتفي بأذان بلال في علم الوقت لأن بلالاً فيما يدل عليه الحديث كان تختلف أوقاته وإنما حكى من قال يرقى ذا وينزل ذا ما شهد في بعض الأوقات، ولو كان فعله لا يختلف