للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رهن الشارع درعه عند يهودي مع علمه بقوله تعالى في اليهود: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ [المائدة: ٤٢] وكذلك أخذ منهم الجزية مع العلم بأن أكثر أموالهم من ثمن الخنزير والخمر والمعاملة الفاسدة. وقيل: يجب أن يقبل من السلطان دون غيره لحديث سمرة المروي في السنن: إلا أن يسأل ذا سلطان (وما لا) يكون على هذه الصفة بأن لم يجيء إليك ومالت نفسك إليه (فلا تتبعه نفسك) في الطلب واتركه. وأخرجه المؤلّف أيضًا ومسلم في الزكاة وكذا النسائي.

٥٢ - باب مَنْ سَأَلَ النَّاسَ تَكَثُّرًا

(باب من سأل الناس تكثرًا) نصب على المصدر أي سؤال تكثر أي مستكثر المال بسؤاله لا يريد به سدّ الخلة قاله في التنقيح، أو نصب على الحال إما بأن يجعل المصدر نفسه حالاً على جهة المبالغة نحو: زيد عدل أو بأن يقدر مضاف أي ذا تكثر، ويجوز أن يكون منصوبًا على المصدر التأكيدي لا النوعي أي يتكثر تكثرًا، والجملة الفعلية حال أيضًا قاله في المصابيح، وجواب الشرط محذوف أي من سأل لأجل التكثر فهو مذموم.

١٤٧٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ».

وبالسند قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عبيد الله بن أبي جعفر) بضم العين وفتح الموحدة مصغرًا واسم أبي جعفر يسار (قال: سمعت حمزة بن عبد الله بن عمر) بالحاء المهملة والزاي وعمر بضم العين وفتح الميم (قال: سمعت) أبي (عبد الله بن عمر) بن الخطاب ( قال: قال رسول الله ):

(ما يزال الرجل يسأل الناس) أي تكثرًا وهو غني. (حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم) بل كله عظم ومزعة بضم الميم وسكون الزاي وفتح العين المهملة. وزاد في القاموس كسر الميم. وحكى ابن التين فتح الميم والزاي القطعة من اللحم أو النتفة منه وخص الوجه لمشاكلة العقوبة في موضع الجناية من الأعضاء لكونه أذل وجهه بالسؤال أو أنه يأتي ساقط القدر والجاه، وقد يؤيده حديث مسعود بن عمرو عند الطبراني والبزار مرفوعًا: لا يزال العبد يسأل وهو غني حتى يخلق وجهه فلا يكون له عند الله وجه.

وقال التوربشتي قد عرفنا الله تعالى أن الصور في الدار الآخرة تختلف باختلاف المعاني قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران: ١٠٦] فالذي يبذل وجهه لغير الله في الدنيا من غير بأس وضرورة بل للتوسع والتكثر يصيبه شين في وجهه بإذهاب اللحم عنه ليظهر للناس عنه صورة المعنى الذي خفي عليهم منه انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>