وبه قال:(حدّثنا إبراهيم بن حمزة) بالحاء المهملة والزاي أبو إسحاق الزبيري الأسدي قال: (حدّثنا ابن أبي حازم) عبد العزيز (عن أبيه) أبي حازم سلمة بن دينار (عن سهل) أي ابن سعد الساعدي الأنصاري ﵁ أنه (قال: مرّ رجل) غني لم يقف الحافظ ابن حجر على اسمه (على رسول الله ﷺ فقال) للحاضرين من أصحابه:
(ما تقولون في هذا؟ قالوا حريّ) بفتح الحاء المهملة وكسر الراء وتشديد التحتية أي حقيق (إن خطب) امرأة (أن ينكح) بضم أوله وفتح ثالثه مبنيًّا للمفعول (وإن شفع) في أحد (أن يشفع) بضم أوله وتشديد الفاء المفتوحة أي أن تقبل شفاعته (وإن قال أن يستمع) قوله (قال) سهل: (ثم سكت) رسول الله ﷺ(فمرّ رجل) آخر قيل إنه جعيل بن سراقة كما في مسند الروياني وفتوح مصر لابن عبد الحكم وغيرهما (من فقراء المسلمين فقال)ﷺ: (ما تقولون في هذا) الفقير المار (قالوا) هو (حريّ) حقيق (إن خطب أن لا ينكح وإن شفع أن لا يشفع وإن قال أن لا يستمع) لقوله لفقره وكان صالحًا دميمًا قبيحًا (فقال رسول الله ﷺ: هذا) الفقير (خير من ملء الأرض مثل هذا) الغني وإطلاقه التفضيل على الغني المذكور لا يلزم منه تفضيل كل فقير على كل غني كما لا يخفى. نعم فيه تفضيله مطلقًا في الدين فيطابق الترجمة وقوله ملء بالهمز ومثل بالنصب والجر.
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في الرقاق وابن ماجة في الزهد.
١٦ - باب الأَكْفَاءِ فِي الْمَالِ، وَتَزْوِيجِ الْمُقِلِّ الْمُثْرِيَةَ
(باب) حكم (الأكفاء في المال) واختلف فيه، والأشهر عند الشافعي أنه لا أثر له في الكفاءة فالمعسر كفء للموسرة لأن المال غاد ورائح ولا يفتخر به أهل المروءات والبصائر نعم لو زوج الولي بالإجبار موليته معسرًا بغير رضاها بمهر المثل لم يصح النكاح لأنه بخس حقها كتزويجها بغير كفء نقله في الروضة عن فتاوى القاضي ومنعه البلقيني، وقال الزركشي: هو مبني على اعتبار اليسار مع أنه نقل عن عامة الأصحاب عدم اعتباره انتهى. ونقل صاحب الإفصاح فيما حكاه في الفتح عن الشافعي أنه قال: الكفاءة في الدين والمال والنسب، وجزم باعتباره أبو الطيب والصيمري وجماعة، واعتبره الماوردي في أهل الأمصار وخص الخلاف بأهل البوادي والقرى المتفاخرين بالنسب دون المال انتهى.
(وتزويج المقل) بالجر عطفًا على سابقه والمقل بضم الميم وكسر القاف وتشديد اللام الفقير (المثرية) بضم الميم وسكون المثلثة وفتح التحتية التي لها ثراء بفتح المثلثة والراء والمد هو الغنى.