شراك نعله والاشتغال بالأمور التي هي داخلة في أمر الله تعالى يكون مبعدًا من النار مع كونها أقرب إليه من شراك نعله قاله في عمدة القاري، وقال: إنه من الفيض الإلهي الذي وقع في خاطره، وقال في فتح الباري: مناسبة الحديث الثاني للترجمة خفية وكأن الترجمة لما تضمنت ما في الحديث الأول من التحريض على الطاعة، ولو قلت والزجر عن المعصية، ولو قلت تضمنت أن من خالف ذلك إنما يخالفه لرغبة في أمر من أمور الدنيا وكل ما في الدنيا باطل كما صرح به الحديث الثاني فلا ينبغي للعاقل أن يؤثر الفاني على الباقي.
وبه قال:(حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدثني) بالإفراد (مالك) الإمام الأصبحي (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرَّحمن بن هرمز (عن أبي هريرة)﵁(عن رسول الله ﷺ) أنه (قال):
(إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه) بضم الفاء وكسر الضاد المعجمة المشددة (في المال والخلق) بفتح الخاء المجمة أي الصورة ويحتمل أن يدخل فيه الأولاد والأتباع وكل ما يتعلق بزينة الحياة الدنيا قال: في الفتح ورأيته في نسخة معتمدة في الغرائب للدارقطني والخلق بضم المعجمة واللام (فلينظر إلى من هو أسفل منه) فيهما وأسفل بفتح اللام مصححًا عليها في الفرع ويجوز الرفع. وزاد مسلم من طريق أبي صالح عن أبي هريرة فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم، وفي حديث عبد الله بن الشخير رفعه أقلوا الدخول على الأغنياء فإنه أحرى أن لا تزدروا نعمة الله عليكم رواه الحاكم، والازدراء الاحتقار والانتقاص، ولا ريب أن الشخص إذا نظر إلى من هو فوقه لم يأمن أن يؤثر ذلك فيه فدواؤه أن ينظر إلى من هو أسفل منه ليكون ذلك داعيًا إلى الشكر وقال: ابن بطال لا يكون أحد على حالة سيئة من الدنيا إلا يجد من أهلها ما هو أسوأ حالاً منه فإذا تأمل ذلك علم أن نعمة الله وصلت إليه دون كثير ممن فضل عليه بذلك من غير إبراز حبه فيعظم اغتباطه بذلك نعم ينظر إلى من فوقه في الدين فيقتدي به فيه، وفي نسخة عمرو بن أبي شعيب عن أبيه عن جده رفعه خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرًا صابرًا من نظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله على ما فضله به عليه ومن نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به.