حاطب إنما وقع في المستقبل لأنه صدر منه بعد بدر فلو كان للماضي لم يحصل التمسك به هنا، وقد أظهر الله تعالى صدق رسوله ﵊ في كل من أخبر عنه بشيء من ذلك فإنهم لم يزالوا على أعمال أهل الجنة إلى أن فارقوا الدنيا، ولو قدر صدرو شيء من أحد منهم لبادر إلى التوبة ولازم الطريقة المثلى كما لا يخفى والمراد الغفران لهم في الآخرة وإلاّ فلو توجه على أحد منهم حدّ مثلاً استوفي منه بلا ريب.
(قال سفيان): بن عيينة (وأيّ إسناد هذا)! أي عجبًا لجلالة رجاله لأنهم الأكابر العدول الأيقاظ والثقات الحفاظ.
١٤٢ - باب الْكِسْوَةِ لِلأُسَارَى
(باب الكسوة للأسارى) ما يواري عوراتهم إذ لا يجوز النظر إليها والكسوة بكسر الكاف وقد تضم. يقال: كسوته إذا ألبسته ثوبًا. والأسارى بضم الهمزة جمع أسير.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن محمد) الجعفي البخاري المسندي بفتح النون من قال: (حدّثنا ابن عيينة) سفيان (عن عمرو) هو ابن دينار أنه (سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري (﵄ قال: لما كان يوم بدر أُتي) بضم الهمزة وكذا اللاحقة (بأُسارى) بدر (وأُتي بالعباس) بن عبد المطلب وكان في جملتهم (ولم يكن عليه ثوب فنظر النبي ﷺ له) أي نظر يطلب لأجل العباس (قميصًا فوجدوا قميص عبد الله بن أُبيّ) بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد المثناة التحتية هو أبو مالك بن الحرث وسلول أم أبي مالك وكان عبد الله سيد الخزرج ورأس المنافقين (يقدر عليه) بفتح أوّله وضم ثالثه المخفف وللأصيلي يقدَر عليه بضم ثم فتح أي يجيء على قدره (فكساه النبي ﷺ إياه) أي قميص عبد الله بن أُبيّ، وذلك أنهم لم يجدوا قميصًا يصلح للعباس إلا قميص عبد الله لأن العباس كان طويلاً جدًّا وكذلك عبد الله (فلذلك نزع النبي ﷺ قميصه) عن بدنه (الذي ألبسه) لعبد الله بن أبي بعد أن أخرج من قبره.
(قال ابن عيينة): سفيان (كانت له) أي لعبد الله بن أُبيّ (عند النبي ﷺ يد) نعمة (فأحب)﵊(أن يكافئه) عليها وفيه أن المكافأة تكون بعد الموت كالحياة.