يونس) بن يزيد الأيلي (عن) ابن شهاب (الزهري، قال: أخبرني) بالإفراد (أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ):
(ما من مولود إلا يولد على الفطرة) ظاهره تعميم الوصف المذكور في جميع المولودين، لكن حكى ابن عبد البر، عن قوم أنه: لا يقتضي العموم، واحتجوا بحديث أبي بن كعب، قال النبي،ﷺ: الغلام الذي قتله الخضر طبعه الله يوم طبعه كافرًا. وبما رواه سعيد بن منصور، يرفعه: إن بني آدم خلقوا طبقات، فمنهم من يولد مؤمنًا ويحيا مؤمنًا ويموت مؤمنًا، ومنهم من يولد كافرًا ويحيا كافرًا ويموت كافرًا. ومنهم من يولد مؤمنًا ويحيا مؤمنًا ويموت كافرًا ومنهم من يولد كافرًا ويحيا كافرًا ويموت مؤمنًا قالوا: ففي هذا وفي غلام الخضر، ما يدل على أن الحديث ليس على عمومه. وأجيب: بأن حديث سعيد بن منصور فيه: ابن جدعان وهو ضعيف، ويكفي في الرد عليهم حديث أبي صالح، عن أبي هريرة، عند مسلم: ليس مولود يولد إلا على الفطرة، حتى يعبر عنه لسانه، وأصرح منه رواية جعفر بن ربيعة بلفظ: كل بني آدم يولد على الفطرة.
(فأبواه يهودانه وينصرانه) ولأبي ذر: أو ينصرانه (أو يمجسانه، كما تنتج) بضم أوله وفتح ثالثه، أي: تلد (البهيمة بهيمة جمعاء) بالمد، نعت أي: تامة الأعضاء، وثبت: جمعاء لأبي ذر (هل تحسون فيها من جدعاء؟) بالدال المهملة والمد، مقطوعة الأذن أو الأنف.
(ثم يقول أبو هريرة، ﵁). زاد مسلم: اقرؤوا إن شئتم ﴿فطرة الله التي فطر الناس عليها﴾ قال صاحب الكشاف، أي: الزموا فطرة الله، أو: عليكم فطرة الله، أي خلقهم قابلين للتوحد، ودين الإسلام لكونه على مقتضى العقل والنظر الصحيح، حتى إنهم لو تركوا وطباعهم لما اختاروا عليه دينًا آخر. اهـ. قال البرماوي: ولا يخفى ما فيه من نزعة اعتزالية، وقال أبو حيان في البحر: قوله: أو عليكم فطرة الله، لا يجوز لأن فيه حذف كلمة الإغراء. ولا يجوز حذفها، لأنه قد حذف الفعل، وعوّض عليك منه، فلو جاز حذفه لكان إجحافًا إذ فيه حذف العوض والمعوّض منه (﴿لا تبديل لخلق الله﴾) استشكل هذا مع كون الأبوين يهودانه. وأجيب: بأنه مؤول، فالمراد: ما ينبغي أن تبدل تلك الفطرة، أو: من شأنها أن لا تبدل، أو: الخبر بمعنى النهي (﴿ذلك﴾) إشارة إلى الذين المأمور بإقامة الوجه له، في قوله ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا﴾ [الروم: ٣٠] أو: الفطرة إن فسرت بالملة ﴿الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [الروم: ٣٠] المستوي الذي لا عوج فيه.