هذا (باب) بالتنوين ثبت باب لأبي ذر عن الكشميهني والمستملي في قوله تعالى: (﴿منه آيات محكمات﴾ وقال مجاهد): مما أخرجه عبد بن حميد هي (الحلال والحرام: ﴿وأخر متشابهات﴾)[آل عمران: ٧] أي (يصدّق بعضه بعضًا كقوله تعالى: ﴿وما يضل به إلا الفاسقين﴾)[البقرة: ٢٦] و (كقوله جل ذكره: ﴿ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون﴾)[يونس: ١٠٠] وكقوله تعالى: (﴿والذين اهتدوا زادهم هدى﴾)[محمد ﷺ: ١٧] زاد أبو ذر عن الكشميهني والمستملي وآتاهم تقواهم هذا تفسير للمتشابه وذلك أن المفهوم من الآية الأولى أن الفاسق وهو الضال تزيد ضلالته وتصدقه الآية الأخرى حيث يجعل الرجس للذي لا يعقل وذلك حيث تزيد للمهتدي الهداية قاله الكرماني. وقال بعضهم: المحكم ما وضح معناه فيدخل فيه النص والظاهر، والمتشابه ما ترددت فيه الاحتمالات فيدخل فيه المجمل والمؤول. وقال الزمخشري: محكمات أحكمت عباراتها بأن حفظت من الاحتمال والاشتباه.
قال الزجاج فيما حكاه الطيبي: المعنى أحكمت في الإبانة فإذا سمعها السامع لم يحتج إلى التأويل وقسم الراغب المتشابه إلى قسمين. أحدهما ما يرجع إلى ذاته، والثاني إلى أمر ما يعرض له.
والأول على ضروب ما يرجع إلى جهة اللفظ مفردًا ما لغرابته نحو وفاكهة وأبا أو لمشاركته الغير نحو اليد والعين أو مركبًا أما للاختصار نحو: ﴿واسأل القرية﴾ أو للإطناب نحو ﴿ليس كمثله شيء﴾ أو لإغلاق اللفظ نحو فإن عثر على أنهما استحقا إثمًا فآخران يقومان مقامهما الآية.
وثانيها ما يرجع إلى المعنى أما من جهة دقته كأوصاف الباري ﷿ وأوصاف القيامة أو من جهة ترك الترتيب ظاهرًا نحو: ﴿ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات﴾ إلى قوله: ﴿لعذبنا الذين كفروا﴾ [الفتح: ٢٥] وثالثها: ما يرجع إلى اللفظ والمعنى معًا وأقسامه بحسب تركيب بعض وجوه اللفظ مع بعض وجوه المعنى نحو غرابة اللفظ مع دقة المعنى ستة أنواع، لأن وجوه اللفظ ثلاثة، ووجوه المعنى اثنان ومضروب الثلاثة في اثنين ستة.