الجبال والصحارى، ما دام المطر فيها، كثرت الفائدة فيها في المستقبل من كثرة المرعى والمياه وغير ذلك من المصالح، وفي هذا دليل على قوّة إدراكه ﵊ للخير على سرعة البديهة.
(قال) أنس: (فما جعل) ﵊ (يشير بيده) ولأبي ذر: فما جعل يشير رسول الله ﷺ بيده (إلى ناحية من السماء إلا تفرجت) بفتح المثناة الفوقية والفاء وتشديد الراء بالجيم، أي: تقطع السحاب، وزال عنها امتثالاً لأمره ﷺ:
وفيه دلالة على عظم معجزته ﵊، وهو: أن سخرت له السحب كلما أشار إليها امتثلت بالإشارة دون كلام (حتى صارت المدينة في مثل الجوبة) بفتح الجيم وسكون الواو وبالموحدة، أي: تقطع السحاب عن المدينة وصار مستديرًا حواليها، وهي خالية منه (حتى سال الوادي- وادي قناة) بفتح القاف والنون الخفيفة، واد من أودية المدينة عليه حرث ومزارع، وأضافه هنا إلى نفسه، أي: جرى فيه الماء من المطر (شهرًا).
وهو من أبعد أمد المطر الذي يصلح الأرض التي هي متوعرة جبلية، لأنه يتمكن في تلك الأيام بطولها الري فيها، لأنها بارتفاع أقطارها لا يثبت الماء عليها فتبقى فيها حرارة، فإذا دام سكب المطر عليها قلت تلك الحرارة وخصبت الأرض.
(قال) أنس: (فلم يجيء أحد من ناحية إلا حدث بالجود) بفتح الجيم وسكون الواو، أي: بالمطر الكثير.
٢٥ - باب إِذَا هَبَّتِ الرِّيحُ
هذا (باب) بالتنوين (إذا هبت الريح) ماذا يفعل أو يقول.
١٠٣٤ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: "كَانَتِ الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ إِذَا هَبَّتْ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ ﷺ".
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو: سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم (قال: أخبرنا محمد بن جعفر) المدني (قال: أخبرني) بالإفراد (حميد) الطويل (أنه سمع أنسًا) ﵁، زاد أبو ذر والوقت، ابن مالك، حال كونه (يقول):
(كانت الريح الشديدة إذا هبت، عُرِف ذلك في وجه النبي ﷺ) أي: ظهر فيه أثر الخوف، مخافة أن يكون في ذلك الريح ضرر. وحذر أن يصيب أمته العقوبة بذنوب العاصين منهم رأفة ورحمة منه ﵊.
ولمسلم من حديث عائشة: كان النبي، ﷺ إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها.
وخير ما فيها وخير ما أرسلت به. وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به. قالت: