وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن محمد) أبو جعفر الجعفي الحافظ المسندي قال: (حدّثنا هشام) هو ابن يوسف قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه) اختلف في حد الرحم التي يجب صلتها فقيل كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكرًا والآخر أنثى حرمت مناكحتهما، فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام وأولاد الأخوال واحتج هذا القائل بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها في النكاح ونحوه، وجوّز ذلك في بنات الأعمام والأخوال، وقيل هو عام في كل رحم من ذوي الأرحام في الميراث يستوي فيه المحرم وغيره ويدل له قوله ﷺﷺ"أدناك أدناك"(ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا) ليغنم (أو ليصمت) أي يسكت عن سوء ليسلم وهذا من جوامع الكلم وجواهر الحكم التي لا يعرف أحد ما في بحار معانيها إلا من أمدّه بفيض مدده، وذلك أن القول كله إما خير أو شر أو آيل إلى أحدهما فيدخل في الخير كل مطلوب من الأحوال فرضها وندبها فأذن فيه على اختلاف أنواعه، ودخل فيه ما يؤول إليه وما عدا ذلك مما هو شر أو يؤول إليه فأمر عند إرادة الخوض فيه بالصمت، ولا ريب أن خطر اللسان عظيم وآفاته كثيرة من الكذب والغيبة وتزكية النفس والخوض في الباطل، ولذلك حلاوة في القلب وعليه بواعث من الطبع ومن الشيطان، فالخائض في ذلك قلما يقدر على أن يزم لسانه ففي الخوض خطر وفي الصمت سلامة مع ما فيه من جمع الهمة ودوام الوقار والفراغ للعبادة والسلام من تبعات القول في الدنيا ومن الحساب في الآخرة قال تعالى: ﴿ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد﴾ [ق: ١٨] وقال ﵊: "أملك عليك لسانك" أي اجعله مملوكًا لك فيما عليك وباله وتبعته، وأمسكه عما يضرك وأطلقه فيما ينفعك.
٨٦ - باب صُنْعِ الطَّعَامِ، وَالتَّكَلُّفِ لِلضَّيْفِ