(باب قول الله تعالى ﴿وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون﴾)[التحريم: ١١]. هذا
مثل ضربه للمؤمنين أنهم لا يضرهم مخالطة الكافرين إذا كانوا محتاجين إليهم بحال آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومنزلتها عند الله مع أنها كانت تحت أعدى أعداء الله كما قال تعالى: ﴿لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة﴾ [آل عمران: ٢٨]. قال قتادة: كان فرعون أغنى أهل الأرض وأكفرهم فوالله ما ضر امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربها ليعلموا أن الله حكم عدل لا يؤاخذ أحدًا إلا بذنبه.
وروي أنه لما غلب موسى السحرة قالت آسية: آمنت برب موسى وهارون، فلما تبين لفرعون إسلامها أوتد يديها ورجليها بأربعة أوتاد وألقاها في الشمس. قال سليمان: فإذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها فقالت: رب ابنِ لي عندك بيتًا في الجنة، فكشف الله لها عن بيتها في الجنة حتى رأته من درة فضحكت حين رأت بيتها وفرعون حاضر فقال: ألا تعجبون من جنونها إنّا نعذبها وهي تضحك ثم أمر بصخرة عظيمة تلقى عليها فانتزعت روحها ثم ألقيت الصخرة على جسد لا روح فيه فلم تجد ألمًا. وقال الحسن وابن كيسان رفع الله امرأة فرعون إلى الجنة فهي تأكل وتشرب.
(إلى قوله ﴿وكانت﴾) أي مريم ابنة عمران (﴿من القانتين﴾)[التحريم: ١٢]. قال القاضي: من عداد المواظبين على الطاعة والتذكير للتغليب والإشعار بأن طاعتها لم تقصر عن طاعة الرجال الكاملين حتى عدت من جملتهم أو من نسلهم فتكون من ابتدائية وسقط لأبي ذر (للذين آمنوا امرأة فرعون﴾ وقال إلى قوله: ﴿وكانت من القانتين﴾.
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن جعفر) البيكندي قال: (حدّثنا وكيع) بفتح الواو وكسر الكاف ابن الجراح بن مليح بن عدي الرؤاسي بضم الراء وهمزة ثم سين مهملة العابد الكوفي (عن شعبة) بن الحجاج (عن عمرو بن مرة) بفتح العين ومرة بضم الميم وتشديد الراء المرادي الأعمى الكوفي (عن مرة) بن شراحيل المخضرم (الهمداني) كان يصلّي ألف ركعة في كل يوم (عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري (﵁) أنه (قال: قال رسول الله ﷺ):