والمعنى أنه بإسلامه معصوم الدم فلا تقطع يده بيدك التي قطعها في حال كفره (وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته) أسلمت لله (التي قالها)، والمعنى كما قاله الخطابي إن الكافر مباح الدم بحكم الدين قبل أن يسلم فإذا أسلم صار مصون الدم كالمسلم فإن قتله المسلم بعد ذلك صار دمه مباحًا بحق القصاص كالكافر بحق الدين، وليس المراد إلحاقه به في الكفر كما تقول الخوارج من تكفير المسلم بالكبيرة، وحاصله اتحاد المنزلتين مع اختلاف المأخذ فالأول أنه مثلك في صون الدم، والثاني أنك مثله في الهدر، وقيل معناه أنه مغفور له بشهادة التوحيد كما أنك مغفور لك بشهود بدر، وفي مسلم من رواية معمر عن الزهري في هذا الحديث أنه قال: لا إله إلا الله.
وحديث الباب أخرجه مسلم في الأيمان وأبو داود في الجهاد والنسائي في السير.
(وقال حبيب بن أبي عمرة) بفتح العين وسكون الميم القصاب الكوفي لا يعرف اسم أبيه (عن سعيد) بكسر العين ابن جبير (عن ابن عباس)﵄ أنه (قال: قال النبي ﷺ للمقداد) المعروف بابن الأسود:
(إذا كان رجل مؤمن) ولأبي ذر عن الكشميهني رجل ممن (يخفي إيمانه مع قوم كفار فأظهر إيمانه فقتلته) قال في الكواكب فإن قلت: كيف يقطع يده وهو ممن يكتم إيمانه؟ وأجاب: بأنه فعل ذلك دفعًا للصائل قال أو السؤال كأنه على سبيل الفرض والتمثيل لا سيما وفي بعضها إن لقيت بحرف الشرط (فكذلك كنت أنت تخفي إيمانك بمكة قبل) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي من قبل.
(باب قول الله تعالى) سقط ما بعد الباب لأبي ذر (﴿ومن أحياها﴾ قال ابن عباس)﵄ معناها فيما وصله ابن أبي حاتم (من حرم قتلها إلا بحق) من قصاص (﴿فكأنما أحيا الناس جميعًا﴾)[المائدة: ٣٢] لسلامتهم منه ولغير الأصيلي وأبي ذر عن المستملي حيي الناس منه جميعًا، والمراد من هذه الآية قوله: ﴿من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا﴾ [المائدة: ٣٢] كما يدل عليه ما في أول حديث الباب من قوله: إلا كان على ابن آدم الأوّل كفل منها وفيها تغليظ أمر القتل والمبالغة في الزجر عنه من جهة أن قتل الواحد وقتل الجميع سواء في استيجاب غضب الله وعقابه. وقال الحسن: المعنى أن قاتل النفس الواحدة يصير إلى النار كما لو قتل الناس جميعًا. وقال في المدارك: ومن أحياها ومن استنقذها من بعض أسباب الهلكة من قتل أو غرق أو حرق أو هدم أو غير ذلك وجعل قتل الواحد كقتل الجميع وكذلك الإحياء ترغيبًا وترهيبًا لأن المتعرض لقتل النفس إذا تصوّر أن قتلها كقتل