قال السهيلي: وروي من وجه صحيح أنه كان يزيده درهمًا درهمًا وكلما زاده درهمًا يقول قد أخذته بكذا والله يغفر لك، فكأن جابرًا قصد بذلك كثرة استغفار النبي ﷺ، وفي رواية قال: بعنيه فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي، وفي أخرى أفقرني رسول الله ﷺ ظهره إلى المدينة، وفي أخرى لك ظهره إلى المدينة.
قال البخاري: الاشتراط أكثر وأصح عندي واحتج به الإمام أحمد على جواز بيع دابة يشترط البائع لنفسه ركوبها إلى موضع معلوم. قال المرداوي: وعليه الأصحاب وهو المعمول به في المذهب وهو من المفردات وعنه لا يصح، وقال مالك: يجوز إذا كانت المسافة قريبة، وقال الشافعية والحنفية: لا يصح سواء بعدت المسافة أو قربت لحديث النهي عن بيع وشرط. وأجابوا عن حديث جابر بأنه واقعة عين يتطرّق إليها الاحتمالات لأنه ﵊ أراد أن يعطيه الثمن هبة ولم يرد حقيقة البيع بدليل آخر القصة، أو أن الشرط لم يكن في نفس العقد بل سابقًا فلم يؤثر، وفي رواية النسائي أخذته بكذا وأعرتك ظهره إلى المدينة فزال الإشكال.
(ثم قدم رسول الله ﷺ) المدينة (قبلي وقدمت بالغداة فجئنا) أي هو وغيره من الصحابة (إلى المسجد فوجدته)ﷺ(على باب المسجد قال) ولابن عساكر فقال: (الآن قدمت قلت نعم قال: فدع) أي اترك (جملك فادخل) أي المسجد، ولأبي ذر: وادخل بالواو بدل الفاء (فصل ركعتين) فيه (فدخلت) المسجد (فصليت) فيه ركعتين وفيه استحبابهما عند القدوم من سفر (فأمر)ﷺ(بلالاً أن يزن له أوقية) بهمزة مضمومة وتشديد المثناة التحتية، ولابن عساكر: وقية وعبر بضمير الغائب في قوله له على طريق الالتفات (فوزن لي بلال فأرجح) زاد أبوا ذر والوقت عن الكشميهني: لي (في الميزان) وهو محمول على إذنه ﵊ له في الإرجاح له لأن الوكيل لا يرجح إلا بالإذن (فانطلقت حتى وليت) أي أدبرت (فقال ادع لي جابرًا) بصيغة المفرد، ولأبي ذر وابن عساكر: ادعوا بصيغة الجمع (قلت الآن يرد عليّ الجمل ولم يكن شيء أبغض إليّ منه) أي من رد الجمل (قال)﵊، ولابن عساكر: فقال (خذ جملك ولك ثمنه).
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف في نحو عشرين موضعًا تأتي إن شاء الله تعالى بعون الله وقوّته وبركة نبيّه محمد ﷺ مع مباحثها، وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي بألفاظ مختلفة وأسانيد متغايرة.
(باب) جواز التبايع في (الأسواق التي كانت في الجاهلية) قبل الإسلام (فتبايع بها الناس في الإسلام) لأن أفعال الجاهلية ومواضع المعاصي لا يمتنع أن يفعل فيها الطاعات قاله ابن بطال.