الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرَّحمن (عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال):
(نزل نبي من الأنبياء) عزير أو موسى (تحت شجرة فلدغته) بالدال المهملة والغين المعجمة قرصته (نملة) سميت نملة لتنملها وهو كثرة حركتها وقلة قوائمها (فأمر بجهازه) بفتح الجيم وكسرها أي بمتاعه (فأخرج من تحتها) أي من تحت الشجرة (ثم أمر ببيتها) أي ببيت النملة. وفي الجهاد من طريق الزهري بقرية النمل أي موضع اجتماعها (فأحرق بالنار فأوحى الله)﷿(إليه) إلى ذلك النبي ﷺ(فهلا) أحرقت (نملة واحدة)؟ وهي التي قرصتك دون غيرها إذ لم يقع منها ما يقتضي إحراقها. وقول النووي ولعله كان جائزًا في شريعة ذلك النبي قتل النمل والتعذيب بالنار متعقب بأنه لو كان جائزًا لم يعاتب أصلاً ورأسًا. ولا يجوز عندنا قتل النمل لحديث ابن عباس المروي في السنن: أن النبي ﷺ نهى عن قتل النملة والنحلة، لكن خص الخطابي النهي بالسليماني الكبير أما الصغير المسمى بالذر فقتله جائز، وكره مالك قتل النمل إلا أن يضر ولا يقدر على دفعه إلاّ بالقتل.
وقال الدميري: قوله هلاًّ نملة واحدة دليل على جواز قتل المؤذي وكل قتل كان لنفع أو دفع ضرر فلا بأس به عند العلماء ولم يخص تلك النملة التي لدغت من غيرها لأنه ليس المراد القصاص لأنه لو أراده لقال: هلاًّ نملتك التي لدغتك، ولكن قال: هلاًّ نملة فكأن نملة تعم البريء والجاني، وقد ذكر أن لهذه القصة سببًا وهو أن هذا النبي مرّ على قرية أهلكها الله بذنوب أهلها فوقف متعجبًا فقال: يا رب كان فيهم صبيان ودواب ومن لم يقترف ذنبًا ثم نزل تحت شجرة فجرت له هذه القصة فنبهه الله ﷿ على أن الجنس المؤذي يقتل وإن لم يؤذ، والحاصل أن العقوبة من الله ﷿ تعم فتصير رحمة على المطيع وطهارة له وشرًّا ونقمة على العاصي.
(لطيفة):
روى الدارقطني والحاكم من حديث أبي هريرة ﵁ مما ذكره في حياة الحيوان أن النبي ﷺ قال:"لا تقتلوا النمل فإن سليمان ﵇ خرج ذات يوم يستسقي فإذا هو بنملة مستلقية على قفاها رافعة قوائمها تقول: اللهم إنّا خلق من خلقك لا غنى لنا عن فضلك. اللهم لا تؤاخذنا بذنوب عبادة الخاطئين واسقنا مطرًا تنبت لنا به شجرًا وأطعمنا ثمرًا. فقال سليمان ﵇ لقومه: ارجعوا فقد كفينا وسقيتم بغيركم".