صنع النبي ﷺ) ولأبي ذر اصطنع بطاء مهملة مفتوحة بعد الصاد الساكنة افتعل من الصنع أي اتخذ فأبدل من تاء الافتعال طاء لتقاربهما في المخرج (خاتمًا قال):
(إنّا اتخذنا خاتمًا) أي من فضة (ونقشنا) بفتح القاف وسكون المعجمة (فيه نقشًا) وهو محمد رسول الله (فلا ينقش) بالجزم على النهي ولأبي ذر عن الكشميهني فلا ينقش بنون التوكيد الثقيلة (عليه أحد). وفي رواية ابن عمر لا ينقش أحد على نقش خاتمي هذا وهو صفة لمصدر محذوف أي نقشًا كائنًا على نقش خاتمي ومماثلاً له قال النووي: وسبب النهي أنه إنما نقش على خاتمه محمد رسول الله ليختم به كتبه إلى الملوك فلو نقش غيره مثله لدخلت المفسدة وحصل الخلل وفات المقصود (قال) أنس: (فإني لأرى) بفتح الهمزة (بريقه) بفتح الموحدة وكسر الراء لمعانه (في خنصره). قال النووي في شرح مسلم: السُّنَّة للرجل جعل خاتمه في الخنصر لأنه أبعد من الامتهان فيما يتعاطى باليد لكونه طرفًا ولأنه لا يشغل اليد عما تناوله من أشغالها بخلاف غير الخنصر ويكره له جعله في الوسطى والسبابة للحديث وهي كراهة تنزيه.
(باب اتخاذ الخاتم ليختم به الشيء أو ليكتب) أي أو لأجل ختم الكتاب الذي يكتب ويرسل. (به إلى أهل الكتاب وغيرهم) وهذا الباب مقدّم على سابقه في اليونينية وسقط لفظ باب لأبي ذر.
وبه قال:(حدّثنا آدم بن أبي إياس) العسقلاني قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن قتادة) بن دعامة (عن أنس بن مالك ﵁) أنه (قال: لما أراد النبي ﷺ أن يكتب إلى) أهل (الروم قيل له) سبق قريبًا أن القائل له قريش (إنهم لمن يقرؤوا كتابك إذا لم يكن مختومًا فاتّخذ خاتمًا من فضة ونقشه) بسكون القاف ولأبي ذر بفتحتين (محمد رسول الله ﷺ) قال أنس: (فكأنما أنظر إلى بياضه في يده). وقد تمسك بهذا الحديث من يقول بمنع لبس الخاتم إلا لذي سلطان مع صريح حديث أبي ريحانة المروي في مسند أحمد وأبي داود والنسائي نهى رسول الله ﷺ عن لبس الخاتم إلاّ لذي سلطان، واحتج القائلون بالجواز بحديث أنس السابق. وأجيب عن حديث أبي ريحانة بأن مالكًا ضعّفه وعلى تقدير ثبوته فيحمل على أن لبسه لغير ذي سلطان خلاف الأولى لما فيه