ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: جعلني الله فداءك على ما لا يخفى، وفيه دليل على جواز ذلك إذ لو كان غير سائغ لنهى النبي ﷺ قائله ولأعلمه قيل لا يلزم من تسويغ قول ذلك للنبي ﷺ أن يسوغ ذلك لغيره لأن نفسه الشريفة أعز من أنفس القائلين وآبائهم. وأجيب: بأن الأصل عدم الخصوصية. وفي حديث ابن عمر أنه قال لفاطمة:(فداك أبوك). وفي حديث ابن مسعود أنه ﷺ قال لأصحابه:(فداكم أبي وأمي). وحديث أنس أنه ﷺ قال مثل ذلك للأنصار رواها ابن أبي عاصم، وأما ما رواه مبارك بن فضالة عن الحسن قال: دخل الزبير على النبي ﷺ وهو شاك قال: كيف تجدك جعلني الله فداءك قال ما تركت أعرابيتك بعد؟ فقال الطبري: لا حجة فيه على المنع لأنه لا يقاوم تلك الأحاديث في الصحة وعلى تقدير ثبوت ذلك فليس فيه صريح المنع بل فيه إشارة إلى أنه ترك الأولى في القول للمريض إما بالتأنيس والملاطفة وإما بالدعاء والتوجع.
وبه قال: (حدّثنا صدقة بن الفضل) المروزي الحافظ قال: (أخبرنا ابن عيينة) سفيان قال: (حدّثنا ابن المنكدر) محمد (عن جابر) الأنصاري (﵁) أنه (قال: ولد) بضم الواو (لرجل) لم أقف على اسمه (منا غلام فسماه القاسم فقلنا لا نكنيك) فتح النون وسكون الكاف (أبا القاسم ولا كرامة) نصب أي لا نكرمك كرامة (فأخبر) بفتح الهمزة والموحدة الرجل (النبي ﷺ) وفي رواية قال في الفتح إنها للأكثر فأخبر بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول النبي (فقال)ﷺ له:
(سم ابنك عبد الرحمن). وفي حديث مسلم عن ابن عمر مرفوعًا:"إن أحب الأسماء إلى الله ﷿ عبد الله وعبد الرحمن" وإنما كانا أحب لتضمنهما ما هو واجب لله تعالى ووصف للإنسان وواجب له وهو العبودية ثم أضيف العبد إلى الرب إضافة حقيقية فصدقت أفراد هذين الاسمين وما يلحق بهما كعبد الرحيم وعبد القادر وشرفت بهذا التركيب فحصلت لها هذه الفضيلة.