(كتاب الأحكام) بفتح الهمزة جمع حكم وهو عند الأصوليين خطاب الله وهو كلامه النفسي الأزلي المسمى في الأزل خطابًا المتعلق بأفعال المكلفين وهم البالغون العاقلون من حيث إنهم مكلفون وخرج بفعل المكلفين خطاب الله المتعلق بذاته وصفاته وذوات المكلفين والجمادات كمدلول الله لا إله إلا هو خالق كل شيء ولقد خلقناكم ويوم نسيّر الجبال ولا يتعلق الخطاب إلا بفعل كل بالغ عاقل لامتناع تكليف الغافل والملجأ والمكره وإذا تقرر أن الحكم خطاب الله فلا حكم إلا الله خلافًا للمعتزلة القائلين بتحكيم العقل.
(وقول الله تعالى) ولأبي ذر باب قول الله تعالى: (﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾)[النساء: ٥٩] الولاة والأمراء أو العلماء الذين يعلّمون الناس دينهم لأن أمرهم ينفذ على الأمراء، وهذا قول الحسن والضحاك ومجاهد، ورواه محيي السُّنَّة عن ابن عباس ودليله: ولو ردوه إلى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم، وقيل: فإن تنازعتم أي أنتم وأولو الأمر منكم في شيء من أمور الدين، وهذا يؤيد أن المراد بأولي الأمر أمراء المسلمين إذ ليس للمقلد أن ينازع المجتهد في حكمه بخلاف المرؤوس إلا أن يقال: الخطاب لأولي الأمر على طريقة الالتفات أي تنازعتم في شيء فيرد العلماء إلى الكتاب والسُّنّة، ولم يقل: وأطيعوا أولي الأمر ليؤذن بأنه لا استقلال لهم في الطاعة استقلال الرسول، ودلت الآية على أن طاعة الأمراء واجبة إذا وافقوا الحق فإذا خالفوه فلا طاعة لهم لقوله ﵊:"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" وسقط الباب لغير أبي ذر فالتالي رفع.